عمليات الدعس الأصعب على الاحتلال!

بقلم: هديل رشاد

| 15 يوليو, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: هديل رشاد

| 15 يوليو, 2024

عمليات الدعس الأصعب على الاحتلال!

إنَّ عملية الدعس التي نفذها أحد الشبان الفلسطينيين من حملة الهُويّة الإسرائيلية، يوم الأحد قرب الرملة عند مفترق “نيرتسفي” جنوبي تل أبيب، وأسفرت عن استشهاد منفذها في عين المكان، وإصابة أربعة إسرائيليين بجروح، اثنان منهم إصابتاهما خطيرتان، جاءت كرد على حرب الإبادة الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

وتدفعنا هذه العملية للتأكيد على دور العمليات الفدائية فى مسار النضال الفلسطيني، وذلك لما تتمتع به تلك العمليات من خصائص ومزايا عدة؛ فهي لا تحتاج كثيرًا من الإمكانيات، ولا تحتاج بنية تنظيمية، لذا نرى تنوع  أساليب الهجمات بين إطلاق النار حيناً، والطعن بالسكين حيناً آخر، والدعس بالسيارة حيناً ثالثاً، وهذه تعد من أصعب العمليات على الاحتلال لما تشكله من خطورة كبيرة على أفراده من مستوطنين وجنود، ومنعُها يُعدّ شبه مستحيل، كما أنها لا تحتاج إلى أي استعداد لوجستي خاص أو عتاد أو سلاح، لذا تشكّل رعبا لأجهزة أمن الاحتلال.

وقد شهدت العمليات الفدائية تصاعدا في وتيرتها ونوعيتها منذ الحرب التي شنها العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، واتخذت طابعا شعبيا عفويا، ومع اندلاع انتفاضة القدس عام 2015 تنوعت العمليات الفدائية الفلسطينية واختلفت معها تفاصيل كل نوع من العمليات، وبالاستناد إلى مقال نشرته “الميادين” عام 2023، فإن عمليات الدعس التي نفذها الفلسطينيون ضد المستوطنين وضد جنود الاحتلال تشكل مصدر قلق كبير لسلطات الاحتلال، إذ تم تنفيذ 14 عملية عام 2022، يُضاف إليها عمليتان نوعيتان عام 2023 في تل أبيب والقدس المحتلة خلفتا قتيلين و11 مصابا إسرائيليا.

وتشكّل العمليات الفردية التي ينفذها الشبان الفلسطينيون تحدّياً صارخاً للاحتلال، الذي يسعى بممارساته الوحشية ضد الفلسطينيين أن يثنيهم عن تنفيذ هذا النوع من العمليات، متناسيا أنَّ الممارسات الوحشية لجيشه، والمجازر المرتكبة بحق قطاع غزة منذ عشرة أشهر، ما هي إلا وقود لهذه العمليات الفدائية، وهي المحفز الأول للفلسطينيين الباحثين عن خير وسيلة للدفاع عن أرضهم، دون الاكتراث بتبعات هذا النوع من العمليات الفدائية التي تنفذ إما بصورة فردية أو وفق بنية تنظيمية.

ذلك أن الهدف الأول لمنفذي العمليات هو الدفاع عن وطنهم، وزعزعة الأمن في الداخل المحتل، والسعي لإيصال رسالة لدولة الاحتلال وقاداتها بأنَّ الشعب الفلسطيني وحدة واحدة، لا يبعده جدار فصل عنصري، ولا يقسمه تعدد الهويات الممنوحة وفق تصنيفات الاحتلال الصهيوني بغرض شرذمة وتفكيك وحدة الصف الفلسطيني في داخل فلسطين والأراضي المحتلة، والتأكيد على أنَّ  الاعتداءات المتواصلة من قبل المحتل على شعب غزة الأعزل ستنجب المزيد من المقاومين الأحرار.

ومن المهم التأكيد أنَّ الاحتلال الجبان يخشى هذا النمط الجديد من الهجمات الفلسطينية لاعتبارات، أهمها أنَّ هذه العمليات يقدر عليها جميع الشبان الفلسطينيين، ولا تقتصر فقط على ذوي الانتماء الحزبي والتأطير التنظيمي، والعاملين في كتائب المقاومة، الذين تسعفهم وتمكّنهم حدود قدراتهم وإمكانياتهم من التخطيط لها وتنفيذها، بل يجري الأمر على أي فلسطيني يريد التصدي للاحتلال، فيندفع حائزاً السلاح بداية، لينقض على أي هدف إسرائيلي، بأقل قدر من التعقيدات الإجرائية والتنظيمية التي تفرض نفسها في سلك العمل المقاوم المنظم.

كما أن هذا اللون من العمل المقاوم لا غنى للمقاومة عنه، رغم بساطته، وقلة التعقيدات الكامنة فيه، لأنه يكرس أحد الأشكال التقليدية للعمل المقاوم، وفي الوقت ذاته يحقق مستوى واسعاً من الانفتاح الشعبي على الانخراط في المقاومة عبر تبني هذا الأسلوب، كما أنَّ هذا النوع من المقاومة يشكّل مقاومة مستمرة في وجه الاحتلال، أي أنها ليست موسمية أو مرتبطة بالأحداث الآنية، وتتضاعف وتيرتها مع كل ممارسة وحشية للاحتلال.

وذكرت منصة فلسطين أون لاين في تقرير نشرته منذ عامين أنًّه نظراً للخصائص التي تتميز بها تلك العمليات الفدائية الفردية، فإن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الصهيونية تتحمل ضررًا كبيرًا في استراتيجيتها المعهودة بالملاحقة والردع، فضلا عن صعوبة التنبؤ بزمان تلك العمليات ومكانها وشخوصها، وكذلك سُبل الرد عليها. ومن هنا، يرى محللون صعوبة قيام عمل عسكري إسرائيلي واسع، رداً على هذه الهجمات؛ نظرًا لعدم وجود ارتباط واضح بين المنفذين والفصائل الفلسطينية.

وتشير الإحصائيات دوما إلى زيادة في عدد العمليات المنفذة ضد المستوطنين والإسرائيليين، ما يؤكد عدم نجاح الاحتلال وفكره الاستيطاني المعوّل على سياسة الترهيب في ثني الفلسطينيين – لاسيما من الشباب- عن الإقدام على تنفيذ العمليات الفدائية الفردية منها، والتي تتبع تنظيما فلسطينيا مسلحا، إذ إنّ هذه العمليات تأتي محملة بحزمة من الرسائل، مفادها أن غزة والضفة حالة وطنية واحدة، ما يشكّل ردًّا  قويًّا على الاحتلال الذي يحاول إضعاف الحالة الفلسطينية.

وكان المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي، عادل شديد، قد أوضح أنَّ “الضفة الغربية أدركت أن هناك مشروعا إسرائيليا دوليا ذاهبا باتجاه عزلها عن غزة، وإظهار أن الحرب ليست على القطاع، وإنما على حركة المقاومة الإسلامية  “حماس”، وبالتالي إضعاف الحالة الفلسطينية، إلا أنَّ هذا الأمر خلّف استشعارا وإحساسا بالخطر، وبدأت الحالة الوطنية بترميم ذاتها عبر خلايا وأفراد نفذوا عمليات نوعية، حملت رسالة سياسية أكثر من أنها عسكرية وأمنية، بأن غزة والضفة حالة وطنية واحدة، وهذا مهم كونه ألغى الشرعية الإسرائيلية للحرب وتجزئتها.”

ختاما..

تشير إحصائية مركز معلومات فلسطين (معطى) إلى أنه، ومنذ الحرب على غزة، نُفذت 29 عملية نوعية، أسفرت عن مقتل 19 جنديا ومستوطنا إسرائيليا، وإصابة 111 آخرين.

2 التعليقات

  1. HUSSAIN MOHD

    نسأل الله عز وجل أن يبارك ويزيد من تلك العمليات .. وأن ينتفض إخواننا وأهلنا بالضفه للتخفيف عن أهلنا بغزه .. بارك الله فيكي أستاذه هديل تسليط قلمك على الموضوع المهم جدا

    الرد
  2. Lady Gaga

    و الله إن المقاومة باقية ، و لو كره الكارهون ، رغم أنف بني صهيون مهما حشدوا من قوة و جمعوا من عتاد ، فإن رجال المقاومة لذو ا بأس شديد.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...