ترامب في البيت الأبيض مجدداً
بقلم: نبيل البكيري
| 10 نوفمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: نبيل البكيري
| 10 نوفمبر, 2024
ترامب في البيت الأبيض مجدداً
لا شك أن الفوز الذي أحرزه الجمهوريون بقيادة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، والفائز الحالي في انتخابات 2024، يشكل فوزاً تاريخياً، كما قال عنه ترامب نفسه..
هذا الفوز يأتي في مرحلة بالغة التعقيد محلياً ودولياً، حيث يقف المجتمع الدولي فيها على حافة أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، وتبدو كمقدمة لإرهاصات قد تسبق نهاية أخرى لمرحلة جديدة، بدأت مع طوفان الأقصى ولا تزال اعتمالاتها مستمرة بما فيها حتى نتيجة هذه الانتخابات الأمريكية، التي تمت وتمخضت عن عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً .
فربما لم يمر على تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية كله رئيس كدونالد ترامب، قادم من خارج دوائر السياسة الأمريكية كلها، وجاء من عالم المال والأعمال دون أي خلفية سياسية له، وهذا ما يجعله فريداً بين زعماء أمريكا، الذين قدم معظمهم من داخل بنية وعجلة السياسية الأمريكية ذاتها، ما جعل كثيرين منهم مكشوفي التوجه والسياسات، ومتوقعاً من كل واحد منهم ما لديه من خطط ومشاريع، بعكس ترامب الذي لا يمكن أن تتنبأ بما يفكر به، بسبب غموض شخصيته، ومزاجه السياسي المتقلب؛ فهو رغم يمينيته لا يزال شخصية غريبة الأطوار.
صحيح أنه سبق له الفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، مقصياً الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات 2017، وقاد الولايات المتحدة بصفته الرئيس الـ45 لأمريكا، ما يعني أنه أصبح لديه ما يكفي من التجارب والخيارات في إدراة أقوى دولة في العالم اليوم، لكن لا يزال ثمة الكثير من المخاوف حول طبيعة ومزاجية الحالة الترامبية لدى كثير من المراقبين، الذين يرون أن ترامب يمكنه أن يقول الشيء ونقيضه تماماً.
ولهذا كله، يترقب العالم كله ما سيقدمه ترامب في مرحلته الثانية هذه، وتعامله مع كل الملفات شديدة الخطورة، كحرب غزة وحرب أوكرانيا والعلاقة مع روسيا وما سيكون عن مشروع “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، هذا عدا عن طبيعة التوجه الجديد الذي ظهر به ترامب خلال حملته الانتخابية، التي غدا فيها مختلفاً جدا عن شخصيته المعروفة، وخاصة فيما يتعلق بموقفه من اللاجئين والعرب والمسلمين، الذين يُكنّ لهم كرهاً شديداً، وأصدر بشأنهم قانونا يمنعهم من الهجرة إلى الولايات المتحدة في دورته الأولى، ثم عاد مؤخراً وتواصل معهم، وتحالف معهم انتخابياً.
فكل هذه التصرفات والمواقف المتناقضة في شخصية ترامب تجعل الناس في حالة ترقب لمعرفة ما لديه ليقدمه، وهل استفاد من فترة رئاسته السابقة وأدرك أخطاءه وهفواته الكبيرة التي ارتكبها.. كل هذا باعتقادي هو ما يدفع الناس للانتظار.
لكن هذا لا يعني أن الداخل الأمريكي لم تكن لديه دوافعه، التي بموجبها أعاد ترامب مجددا إلى البيت الأبيض، وهو الذي ملَّ كثيراً غموض بايدن وعجزه، وشوفينيته المتلفعة بقيم الديمقراطية والحداثة على كل المستويات، وخاصة فيما يتعلق بموجة الارتداد الكبيرة عن القيم الديمقراطية، التي مورست ضد المناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة والشعب الفلسطيني على مدى عام كامل منذ 7 أكتوبر 2023.
لهذا كله، نتساءل هنا عما يمكن أن يقدمه ترامب، وخاصة فيما يتعلق بالحروب الدائرة في فلسطين ولبنان وأوكرانيا، وعلى الأخص حرب غزة التي يبرز فيها كصديق مقرب جداً من المجرم نتنياهو، عدا عن صهيونيته -أي ترامب- وإيمانه بالسردية الصهيونية فيما يتعلق بفلسطين والقدس، التي نقل إليها سفارة أمريكا من تل أبيب في فترته الأولى، وكان على وشك تطبيق وتوقيع أخطر معاهدة تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، وهي التي عُرفت بالمعاهدة الإبراهيمية، وتتحايل على حق الشعب الفلسطيني المشروع في استعادة دولته وأرضه في فلسطين المحتلة.
فما الذي يمكن بعد كل هذا أن يقدمه ترامب من جديد؟ صحيح أن ترامب في حملة الانتخابية الأخيرة بدا أكثر براغماتية من قبل، وتخلى عن كثير من مفردات خطابه العنصري، وعقد تحالفات انتخابية مع مسلمي أمريكا لأول مرة، والتقى بهم وذهب إلى مقراتهم ومدنهم، لكن هذا ربما كان من ضرورات براغماتياته المعهودة أثناء الحملة الانتخابية. ورغم ما قدمه من وعود، وخاصة فيما يتعلق بوقف حرب غزة، وإيقاف حملة الإسلاموفوبيا ضد العرب والمسلمين، فإن مثل هذه الوعود قد لا يكون لها أي معنى في قاموس ترامب الذهني.
ترامب شخصية سادية متمردة على واقعها، وهذه -ربما- سمة خاصة به منذ صغره، وقد كان أكثر عنفاً في طفولته، والتحق بالجيش الأمريكي، وعاش حياته تاجراً بارعاً ومقامراً، وكل هذه التناقضات هي التي صنعت شخصية ترامب، الذي لا يمكن أن تتنبأ بما في رأسه، وهو الذي يعمل الشيء ونقيضه. وهذا يتعلق أيضا بطبيعة علاقته بالصين وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل، وكيف يدير علاقته المضطربة بسلاسة عجيبه مع كل هذه الدول؛ فعلاقته بالصين -مثلاً- ليست على ما يرام، لكنه يُبقي دائماً خيط تواصل معها، وهي التي رحبت بفوزه وهنأته بذلك، رغم إدراكها أن علاقته بها لم تكن جيدة في فترته السابقة.
لا أحد اليوم أكثر خوفاً من عهد ترامب القادم مثل الاتحاد الأوروبي، الذي يرى ترامب مجرد تاجر جشع يبتزّ أوروبا وأمنها، ويدفعها أن تدفع المزيد من الأموال مقابل أن تظل أمريكا إلى جانبهم، والشيء ذاته يفعله ترامب مع دول الخليج، التي يتحالف بعضها مع ترامب رغم ما يفرضه عليها من اشتراطات كبيرة وباهظة دون أي مقابل، والأكثر من ذلك أنه يظل يعيّرهم بضعفهم، وأنهم عالة على مظلة الحماية الأمريكية، التي لم تقدم للخليج أي حماية مما يحيط بها من مخاوف وإشكالات أمنية كبيرة .
على العموم، لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما في رأس ترامب، وبما ستكون عليه مرحلته الثانية في البيت الأبيض، في ظل سجل ترامب الحافل بالتناقضات، لكن شب المؤكد أن عهده الثاني سيكون أكثر براغماتية من سابقيه، إذا مضى على خطاب ونسق برنامجه الانتخابي البراغماتي ذاته.
أما إن حصل غير ذلك، ولنتخيل أن خطابه الانتخابي كان مجرد بروباجندا انتخابية، فهذا يقودنا إلى تخيل مرحلة أكثر اضطراباً وضبابية وتناقضاً، تعكس العقل اللاواعي للسيد دونالد ترامب وفريقه المتصهين بقيادة صهره جاريد كوشنر، والذي -ربما- سيكون له القول الفصل في إدارة مرحلة ترامب الثانية، وهذا هو الاحتمال الأكثر توقعاً حتى الآن.
مهتم بالفكر السياسي الإسلامي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق