“نحن أمام أمة نائمة”!
بقلم: هديل رشاد
| 13 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
-
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل...
-
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى...
-
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.....
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 13 أغسطس, 2024
“نحن أمام أمة نائمة”!
“عندما أرغب في أن أستبدل بالبناية القديمة بناية جديدة فعليَّ أن أهدم قبل أن أبني”.. هذه مقولة سجَّلها ثيودور هيرتزل، أبو الصهيونية، في كتابه “الأرض الجديدة القديمة”، للإشارة إلى المشروع الصهيوني، الذي يختصر بهذه الجملة المختزلة الركيزة التي يقوم عليها المشروع الصهيوني، الذي يتبنى فكر الإبادة الجماعية وتوطين نفسه على أنقاض الآخر، باستئصال السكان الأصليين (الفلسطينيين) لإفساح المجال أمام المهاجرين الجدد (اليهود) باتباع الأساليب غير الشرعية، من تطهير عرقي وإبادة جماعية وتهجير قسري، لا سيما وأنَّه لا مكان للأساليب الشرعية في هذه الحالة بكل تأكيد.
وإذا ما طبقنا هذه الأفكار على الحاصل الآن في قطاع غزة، فسنجد جيش الكيان المحتل ينفّذ هذه الممارسات آنفة الذكر بشكل صارخ على الأرض، وكان آخرها استهداف نازحين من المفترض أن يكونوا “آمنين”، في إحدى مدارس الإيواء- مدرسة التابعين- السبت الماضي أثناء تأدية صلاة الفجر، بثلاثة صواريخ يزن الواحد منها ألفي رطل، لتخلف مئات الشهداء والمصابين، في عملية وصفت كإحدى أكبر مجازر الاحتلال في القطاع المحاصر.
وهذا الاستهداف المتعمد والممنهج من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدارس التي تؤوي النازحين في قطاع غزة لم يكن الأول، ولن يكون الأخير، حيث أوضحت بيانات أنه منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، استهدف الكيان المحتل 172 مركز إيواء، من بينها 152 مدرسة- تابعة للأونروا أو حكومية أو خاصة- مأهولة بالنازحين، وتجاوز عدد الشهداء الذين لجؤوا إليها بحثا عن بعض من أمان أكثر من 1040 شهيداً.
الهدف هو تنفيذ المشروع الصهيوني الاستيطاني الكولونيالي، الذي يقوم على عدة ركائز ذكرها الدكتور عصام السخنيني في كتابه “الجريمة المقدسة”، تتضمن الهجرة البشرية إلى المنطقة المستهدفة بتوافق مع استخدام قوة السلاح، والاستيلاء على الأرض بأي من الوسائل المتاحة وعادة ما تكون بالقوة، وطرد السكان الأصليين من ديارهم واستئصالهم والحلول محلهم أو حصرهم في معازل، وتحطيم البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للسكان الأصليين المستهدفين.
إنَّ هذه الخطة الممنهجة لفرض المشروع الاستيطاني الإحلالي على الأراضي الفلسطينية لم تقم إلا على جثث وأشلاء أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، كما استندت قوات جيش الاحتلال إلى بيانات ومعلومات عرفت بـ”الخطة د” التي صاغتها الهاجاناه في الوقت ذاك، بموافقة القيادة العليا الصهيونية للاستيلاء على فلسطين وتطهيرها من الفلسطينيين، والتي مرت حينها بعدة مراحل منذ عام 1945، وكانت آخر مراحلها عام 1948.
وفي هذا السياق من المهم أن نسأل: ما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الغطرسة والوحشية الإسرائيلية منذ ذلك الزمن وحتى الآن؟. وفي حقيقة الأمر لا نجد أدقّ مما قالته جولدا مائير عند إحراق المسجد الأقصى: “عندما أحرقنا المسجد لم أنم طوال الليل، كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجا من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده، فنحن أمام أمة نائمة.”
هذه المقولة في حقيقة الأمر لم تلخص الإجابة على السؤال فقط، بل لخصت حال العالم العربي، الذي يفتقر إلى الوحدة المطلوبة لمواجهة الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، التي يشاهدها على الهواء مباشرة منذ 10 أشهر فائتة، بتنفيذ الكيان المحتل ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية، مكتفيا ببيانات فاقدة المعنى، راكنا إلى لغة الاستنكار والشجب والإدانة، في حين أن العالم العربي لديه أكثر من هذه اللغة، التي يعدها كثير من المحللين السياسيين والعسكريين بأنها لغة لا تسمن ولا تغني.
فلغة العنف التي ينتهجها جيش الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تُواجَه بلغة توازيها، وتوازي الوحشية التي طالت كل ما هو فلسطيني، وليس الغزي فقط. من ذلك تعليق العلاقات العربية مع إسرائيل، ومنع الأنشطة الاقتصادية والتجارية، والتهديد بفرض حظر النفط على هذا الكيان.. فهذه الخطوات قد تكون اللغة الأكثر إفهاماً وتأثيراً- بل وردعاً- لهذه الدولة المزعومة، إلا أن بعض الدول العربية التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية وأمنية مع إسرائيل- وللأسف- لم تجرؤ على قطع علاقاتها، معها في حين أن دولاً كبوليفيا وبيليز وكولومبيا اتخذت هذا القرار رغم بعدها آلاف الأميال عن فلسطين.
ختاما..
نقف أمام مشهد لنازح فلسطيني يحمل في يديه كيسين من البلاستيك، وقد أعياه التعب.. للوهلة الأولى تظن أنها نصيبه من مساعدات أحد المحسنين في ظل ظروف سياسة التجويع التي يفرضها الكيان المحتل، ويتضح أنها نصيبه فعلاً.. إلا أنها نصيبه مما تبقى من أشلاء شقيقه وزوجته وابنيهما إثر تعثر انتشال جثثهم كاملة عقب استهداف الاحتلال منزلهم ببرميل متفجر.
هنا يستحضرني قول أديب إسحاق:
قتل أمرئ في غابة جـريـمة لا تغـتـفـر
وقــتْـل شعـب آمِـنٍ مســألة فـيها نـظـر
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
من زمزم إلى الذّبيح عبدالله.. إرهاصات بين يدي الولادة
"إنّي لنائمٌ في الحِجر إذ أتاني آت فقال: احفر طَيبة؛ قال: قلت: وما طَيبة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر برّة؛ قال: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال:...
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
أجزتي يا أستاذه في وصف تخاذلنا .. بورك قلمك