متى يشرق الشرق ويغـرب الغرب؟
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 22 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
-
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل...
-
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى...
-
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.....
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
مقالات منوعة
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 22 أغسطس, 2024
متى يشرق الشرق ويغـرب الغرب؟
هذا المقال من وحي حلقة بودكاست رائعة في عالم الجغرافيا السياسية مع الدكتور محمد الشنقيطي، حول موقع العالم الإسلامي من النظام العالمي، والحلقة أنصح بمشاهدتها أو الاستماع إليها لأجل فهم أفضل وأعمق لما يحدث في العالم الآن بعد طوفان الأقصى.. الطوفان الذي كشف الكثير الكثير من الألاعيب والمؤامرات والخدع، التي تعيش أمتنا تحت تأثيراتها إلى يوم الناس هذا.
الأمة لا أحد يشكك في أنها تعيش حالة تململ من بعد سبات عميق، تريد أن تنهض وتدرك وضعها الحالي لتبدأ من حيث توقفت، أو نامت أو تم تنويمها، رغبة أو رهبة. هناك رغبة مشتركة بين بعض قادة الفكر والسياسة، وخلفهم جمع أكبر من شعوب مسلمة ما بين مشرق ومغرب الأمة، شعوب يؤلمها استمرار حال الأمة على ما هي عليه من تشتت وتفرق، والعبث الغربي المستمر بها وبمقدراتها وشعوبها منذ قرن من الزمان.
لكن لله الفضل فيما يحدث الآن من صحوة، وإن بدت أنها بطيئة في زمن سريع متسارع، لكنها البداية. والعادة أن بدايات أي مشروع نهضوي تكون بطيئة، وخطواتها محسوبة ثقيلة، إلى أن تستوي وتنضج وتقف على أساسات صلبة مُحكمة.
فلسطين بلاءٌ على المعتدي
لا شك أنه بفضل الله سبحانه، صار لطوفان الأقصى- أو فلسطين بشكل عام- الدور المهم في هذه الصحوة، أو بدايات النهوض الذي نتحدث عنه ونتأمله.. ذلك أن هذه القطعة التي بارك الله حولها، هي أساس كل الاصطدامات والتدافعات التي وقعت بين أمتنا والغرب منذ قرون عدة، والتي يبدو أننا على موعد قادم آخر قريب مع واحد منها جديد، صدام مع هذا الغرب وعبثه واستغلاله.. نعم، ستكون فلسطين- كما كانت قديماً- في قلب هذا التدافع والتصادم.
الدكتور الشنقيطي كتب من ذي قبل دراسة موجزة محكمة، نشرها بالعنوان الذي استخدمناه اليوم لهذا المقال، شروق الشرق وغروب الغرب، يستشرف فيها مستقبل الأمة في هذا التدافع والصراع الحضاري، ويضع وصفة استراتيجية لهذا النهوض المأمول.
الجميل أنه بدأ دراسته بالحديث عن العنوان، وأنه من إبداعات الكاتب المصري أحمد حسن الزيات “الذي استخدم التعبير ضمن مقال له عام 1938 دفاعاً عن فلسطين، ختمه مهدداً المستعمر الإنجليزي المتواطئ مع الاحتلال اليهودي لفلسطين، بقوله: وفلسطين كانت منذ أنشأها الله بلاءً على المعتدي، وشؤماً على الظالم، وقد التقى عندها الغرب والشرق، مرةً في عهد عمر بن الخطاب، ومرة في عهد صلاح الدين، فكانت العاقبة في كلتا المرتين غروب الغرب وشروق الشرق “.
مشاهد ماضية تتكرر
على رغم الخسائر المادية والبشرية في غزة، فإن ما نتج عن طوفان الأقصى حتى يوم الناس هذا، هو دون شك إعادة للمشاهد الماضية في عهد الفاروق ومن بعده صلاح الدين، أو كما عبّر عنها الزيات بالتقاء الشرق والغرب من أجل أن يشرق الشرق ويغرب الغرب. وبالطبع، الشرق هو ليس العالم الإسلامي فحسب، بل المقصود أيضاً القوى الآسيوية الصاعدة مثل الصين وروسيا، لكن العالم الإسلامي الذي يقع جزء كبير منه في هذا الشرق، سيكون عند حدوث هذا الشروق في بؤرة الأحداث والاهتمام، بل والتأثير بإذن الله.
ما يحدث في غزة أنهم يستشرفون عبر الأحداث فيها مستقبل العالم، وذلك رغم الخسائر المادية الهائلة على الجانب الغزاوي كما أسلفنا، إلا أن ذلك كله لا ينظر إليه الاستراتيجيون كما عامة الناس.. فلو لم تكن فلسطين نقطة التقاء الشرق والغرب، أو نقطة الصراع من أجل الهيمنة، ما رأيت أساطيل الأمريكان، وخلفها وحولها إمكانات الغرب العسكرية والتقنية، من إنجليزية وفرنسية وألمانية وإيطالية، تزحف نحو هذه النقطة الملتهبة.
طوفان الأقصى سرّع هذا الزحف وهذا الالتقاء سنوات عديدة
لولا هذا الطوفان، ما كان ليحدث ما يحدث الآن من صحوة عالمية، لم تقف عند تبصُّر أهمية وقف العدوان فحسب، بل الأهم من ذلك تعاظم تساؤلاتها حول الفائدة المرجوة من وجود كيان استفزازي دخيل- مثل الكيان الصهيوني- على العالم. ولولا هذا الطوفان الذي خرج عن السيطرة، ما رأيت تهافت الأمريكان على وجه التحديد، ومن ورائهم قوى غربية أخرى من أجل تهدئة الأحداث، لا لشيء سوى رغبة في التقاط الأنفاس أولاً، ومن ثم كسب بعض الوقت لإعادة ترتيب وتنسيق المواقف السياسية والعسكرية والاستراتيجية، قبل أن تنزلق الأمور ويحدث ما لا يرغب الغرب أن يحدث الآن.
الغرب يشعر أن هذا الكيان ورطة تاريخية.. لقد أرادوا التخلص منه وحذفه خارج أوروبا بعيداً عنهم، ليقوم بمهام قذرة نيابة عن الاستدمار الأوروبي- إن صح التعبير- إلى حين من الدهر طويل. لكن، مع الطوفان تبين مدى هشاشة هذا الكيان، الذي فقد ما بقي عنده من عقل، واضطربت بوصلته حتى راح يهدم ويهلك الحرث والنسل يميناً وشمالاً، وهو لا يدرك أنه بهذا يقترب أكثر فأكثر من نهاية حتمية له أولاً بإذن الله، ومن ثم يكون سبباً رئيساً في خلخلة نظام العالم بأكمله، وهو ما يراه الاستراتيجيون ومن يستشرفون مستقبل العالم أنه المشهد ذاته، الذي بعده سيشرق الشرق ويغرب الغرب بإذن الله.. {ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا}.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
من زمزم إلى الذّبيح عبدالله.. إرهاصات بين يدي الولادة
"إنّي لنائمٌ في الحِجر إذ أتاني آت فقال: احفر طَيبة؛ قال: قلت: وما طَيبة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر برّة؛ قال: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال:...
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
عسى أن يكون قريبًا