
لماذا الهجوم على أجهزة “حزب الله” الآن؟
بقلم: مدونة العرب
| 18 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
كيف يمكن لحملة الاغتيالات الإسرائيلية ضد حماس أن تأتي بنتائج عكسية؟
الاغتيالات تشكل مخاطر دبلوماسية وأمنية لم تُخفِ...
-
لماذا لا تستطيع أوروبا توحيد قدراتها العسكرية؟
تواجه القارة عقبات متعددة في طريقها إلى...
-
لماذا لن تنجح خطة “دولة فلسطينية منزوعة السلاح”؟
هناك سوابق لدول ناجحة غير مسلحة، لكن لا شيء منها...
-
كيف يمكن لحرب غزة أن تشكل السياسة العالمية في عام 2024؟
الحرب في غزة أثرت على السياسات العالمية. تناولت...
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 18 سبتمبر, 2024
لماذا الهجوم على أجهزة “حزب الله” الآن؟
إنّ ضربة فنية ماهرة قد تكون مقدمة لصراع واسع!.
في هجوم منسق شمل لبنان وأجزاءً من سوريا، انفجرت في وقت واحد مئات أجهزة الاتصال التي تستخدمها جماعة “حزب الله” اللبنانية المسلحة يوم الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصًا وإصابة الآلاف.. لم تعلن أي جهة مسؤوليتها، لكن المسؤول المحتمل بشكل كبير هو إسرائيل، فلقد اتسع نطاق حرب إسرائيل متعددة الجبهات، وشمل- بالإضافة إلى حماس في غزة- إيران ومحور المقاومة التابع لها، وهو مجموعة وكلاء ضمنهم “حزب الله”.
ويتساءل كثيرون: لماذا وقع الهجوم الآن؟ وهل هناك دلالة لتوقيت الهجوم؟ فقد أعلنت إسرائيل سابقا أن منع هجمات “حزب الله” من بين أهداف حربها، على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة من أن توسيع العملية قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة. وربما يكون هجوم أجهزة الاتصال (البيجر) بمثابة البداية لحملة عسكرية إسرائيلية مطولة ضد “حزب الله” في لبنان، أو ربما يكون أحدث عملية سرية في حرب الظل طويلة الأمد بين إسرائيل ووكلاء إيران.
بالنسبة للموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي)، فإن الهجوم قد يختصر طريقًا طويلًا لتلميع سمعته التي تضرّرت بشدة بسبب الإخفاقات في هجوم “حماس” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كما تبدو عملية تفجير الأجهزة نفسها وكأنها مستمدة من رواية تجسس.
هناك عدد لا يحصى من الفرضيات المتداولة حول كيفية تمكن الموساد من تنفيذ هجوم بهذا الحجم وبهذه الدراماتيكية، وغير معروف بعد ما إذا كانت القنابل قد زُرعت في مرحلة التصنيع، أو في مرحلة لاحقة أثناء عملية توريد الأجهزة.
لقد اعتمد “حزب الله” على وسائل اتصالات قديمة مثل أجهزة التواصل (البيجر)، ربما اعتقادًا منه أنها بعيدة عن متناول القراصنة السيبرانيين الإسرائيليين. وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، سعى أفراد “حزب الله” إلى حدّ كبير لتجنب استخدام الهواتف المحمولة، حيث دعا زعيم الجماعة حسن نصر الله المقاتلين إلى استخدام طرق بديلة للاتصال.
يعتقد البعض بأنه تم إدخال فيروسات برمجية في الأجهزة ربما تسببت في ارتفاع درجة حرارة البطاريات، وهو ما أدى إلى انفجار الأجهزة في نهاية المطاف. لقد كان هجومًا منظمًا، وقد تم تنفيذه بتخطيط دقيق واهتمام بالتفاصيل.. وبصرف النظر عن التأثير الفوري للهجوم، فإن القدرات التي أظهرها سوف تجعل “حزب الله” أكثر ارتيابًا، وغير متأكد من الخطوة التالية التي قد يتخذها الموساد.
ونتيجة لذلك، فإنه من المرجح أن يقوم “حزب الله” بإصلاح شامل لجهازه الأمني الداخلي، ومراجعة الثغرات في أمن تحركاته وعملياته، ومحاولة تعزيز مهارات أعضائه، وقد تكون هناك عملية تطهير داخلية للجواسيس، وهي عملية قد تؤدي إلى إراقة الدماء داخل “حزب الله”.
إن أحد الدوافع وراء هجوم أجهزة البيجر، كما حدث عند اغتيال الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، أواخر يوليو/ تموز، هو أن الموساد عازم على تجديد صورته السابقة؛ فقبل هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، كانت المخابرات الإسرائيلية تتمتع بسمعة جيدة باعتبارها ذات قدرات عالية جدًا، حيث أُعيد سرد مآثرها الأسطورية في أفلام تجسس سينمائية عديدة، وقد أدت حملة الاغتيالات المستهدفة التي تشنها إسرائيل حتى الآن إلى مقتل نائب الزعيم السياسي لحماس، صالح العاروري، في بيروت في يناير/ كانون الثاني، والقائد الكبير لحزب الله، فؤاد شكر، في بيروت أواخر يوليو/ تموز.. بالإضافة إلى هنية بعد فترة وجيزة.
وبالإضافة إلى محاولة إعادة الهيبة للموساد، فإن العمليات السرية التي تنفذها إسرائيل لها تأثير عملي أكثر، فمن المرجح أن قيادة “حزب الله” قد تضررت كثيرًا، الأمر الذي سيؤدي إلى مشاكل كبيرة في الاتصالات بين أعضاء المجموعة في الأمد القريب. فضلًا عن ذلك، فإن هجوم يوم الثلاثاء أدى إلى إصابة المئات من مقاتلي “حزب الله”، ومن المؤكد أن بعضهم سوف يصابون بتشوهات، أو يفقدون أصابعهم أو أيديهم، أو يعانون من إصابات أخرى من شأنها أن تجعلهم خارج الخدمة، مؤقتًا على الأقل.
من الآن، سوف يبدأ الحوثيون في اليمن، والجماعات المسلحة في العراق وسوريا، وغيرها من وكلاء إيران، في اتخاذ احتياطات أكبر، وقد يؤدي هذا إلى تغيير الطريقة التي تتواصل بها هذه المجموعات بعضها مع بعض، وهو ما قد يؤثر بدوره بشكل مباشر على التنسيق، ويعرقل قدرتها على شن هجمات.
يقول حسن نصر الله إن “حزب الله” لا يريد حربًا شاملة مع إسرائيل، ويلمح ضمنًا إلى أن جماعته لا تزال تشارك عسكريًّا في الدفاع عن إخوانهم الفلسطينيين في غزة، ولكن على الرغم من إعلانه بتجنب الحرب، فإن الحرب قد تحدث، مثلما حصل في حرب يوليو/ تموز ٢٠٠٦ مع إسرائيل، وهي الحرب التي جلبت دمارًا هائلًا للبنان وانتهت إلى طريق مسدود إلى حدّ ما. وقد يرى البعض أنها كانت هزيمة استراتيجية لإسرائيل، لأن “حزب الله” لم يكتسب سوى قوة متزايدة منذ نهاية تلك الحرب.
وبعد ثمانية عشر عامًا من تلك الحرب التي استمرت 34 يومًا، أصبح “حزب الله” منظمة مختلفة تمامًا، حيث أصبح يمتلك أسلحة أكثر تقدمًا، وعددًا أكبر من الرجال المسلحين، وصارت الحرب مع “حزب الله” سوف تشكل التحدي الأكبر الذي ستواجهه إسرائيل منذ عقود من الزمان، ولكن يبدو أن الأمور تسير بهذا الاتجاه.
إن “حزب الله” سيشعر بأنه مجبر على الردّ على تفجير أجهزة التواصل (البيجر)، وسيشعر بالإهانة أمام نجاح العملية ويتطلع إلى الانتقام.. وفي المقابل، فإن تحقيق هدف الحرب الجديد الذي تتبناه إسرائيل، والذي يتلخص في إعادة سكانها النازحين إلى الشمال بالقرب من الحدود مع لبنان، والذين يبلغ عددهم نحو ستين ألف نسمة، يتطلب دفع قوات “حزب الله” بعيدًا عن الحدود، وإعادتها إلى منطقة عازلة يمكن السيطرة عليها. وحتى إذا ادّعى “حزب الله” أنه يريد تجنب الحرب، فإن أي سوء تفاهم من شأنه أن يدفع الجانبين إلى الصراع الواسع مع استمرار الهجمات المتبادلة، وسعي كل جانب إلى وضع قواته في موضع يسمح له بكسب ميزة المبادرة.
يعلم الإسرائيليون جيدًا أن “حزب الله” ليس كحماس، فهو أقرب إلى الجيش التقليدي، وتحوي ترسانته على ما يزيد على 150 ألف صاروخ وذخيرة موجهة بدقة، ولا شك أن “حزب الله” من بين أكثر الجهات الفاعلة غير الحكومية اكتمالًا وتدريبًا وتزوّدًا بالموارد في السياسة العالمية، وقد اكتسب مقاتلوه خبرة قتالية كبيرة من خلال مهام قتالية في سوريا، حيث عملوا جنبًا إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني، وجربوا أسلحة جديدة عالية التقنية.
من المرجح أن يكون للهجوم على أجهزة البيجر عواقب وخيمة على لبنان وعلى الصراع بين إسرائيل ووكلاء إيران، وعلى الشرق الأوسط ككل، فبعد ثلاثة أسابيع تقريبًا من الذكرى القاتمة لـ7 أكتوبر/ تشرين الأول، تظل المنطقة على حافة الانهيار، وقد ترى العناصر المتشددة من جميع الاطراف أن من مصلحتها التصعيد، في حين تثبت الجهود الدبلوماسية الجارية أنها ضعيفة جدًا ومتأخرة جدًا.

كاتب ومحرر
مهتم بالقضايا العربية والإسلامية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق