يحيى السنوار.. خواطر في زمن الاستشهاد
بقلم: محمد عبدالعزيز
| 19 أكتوبر, 2024
مقالات مشابهة
-
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى...
-
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.....
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
-
ترامب وهاريس.. وجهان لعملة واحدة
نجح دونالد ترامب.. فاز مرشح الحزب الجمهوري...
مقالات منوعة
بقلم: محمد عبدالعزيز
| 19 أكتوبر, 2024
يحيى السنوار.. خواطر في زمن الاستشهاد
جيلنا يعيش التاريخ أسرع من الأجيال السابقة، عصر السرعة جعل صفحات التغيرات أعمق وأسرع، يحار العقل في تتبع الأحداث والأهوال.
كل كتابة هي تعبير عن المشاعر، وإبانة عن نفس صاحبها.. وفي هذه الزاوية من مقالي أقيم سرادق عزاء، ونداء حزن، وبرقية وداع، برحيل بطل مغامر وشهيد!. أترك التحليل السياسي لأهله، وحساب الأخطاء والمغامرات ونتائج الطوفان لصالح التاريخ وأهله، لكني الآن أكتب بقلم الحزين، برحيل بطل أغاظ الأعداء وأربك الحسابات، شخصية تهتم بالوقت، لكن لا تقع في غرام الحسابات السياسية، ولا تغرق في قراءة الجيوبوليتيك، ولا تخاف النظام الدولي.
هناك من يدفعون باب التاريخ بأيديهم العارية، ويحيى كان من النوع الذي يركل باب التاريخ بقطعة خشب، وطوفانٍ وبارودة، وأذكار الصباح والمساء، ومعطِّر فم لأنه طاهر.
وفي هذا يقول الشاعر:
مضى طاهرَ الأثواب لم تبـقَ روضـةٌ
غــداةَ ثـوى إلا اشــتـهـت أنّــها قـبـــرُ
ثوى في الثرى من كان يحيا به الثَرى
ويَغمُرُ صَـرفَ الدهــرِ نائلُهُ الـغَــمـــرُ
عـلـيــكَ سَــــلامُ اللهِ وَقـــفًــا فــإنّـــنـي
رأيـتُ الـكـريمَ الـحُــرّ ليـس له عُـمــرُ
رحل يحيى السنوار وهو يطرق الباب بقدميه ويده المبتورة، ويعبث بالخرائط ويناكف أمريكاـ ويعاند قوى الشر المطلق- أي إسرائيل-، ويعلن عليهم حربًا خذله فيها العرب، وتمنى بعض الزعماء موته لأن بقاءه يحرج عمالتهم.
جرب السجن، والقراءة عن العدو الإسرائيلي، ومحاولة فهمه من الداخل بالعبري، وغامر في شرف مروم، وبلّط البحر حرفيًّا، وأزعج الجميع.. تركنا يتامى للحسابات السياسية والعقلانية، التي لا تعطينا ولو حكم محكمة في منظمة العدل الدولية بإدانة المجرم نتنياهو.
تركنا -وآسف للقارئ الكريم- مرهونين بالقتل الفطيس كما سماه، تركنا نموت بالسكر والضغط والكمد وعلى السرير، وهو يموت بالبارودة، وقد عشت أقرأ في سير الأبطال، وهذه نهاية تليق بسيرة بطل!. اتساق تام في المواقف.. لم يقتل مسلمًا، ولم يستحل دم الأبرياء مثل صدام أو حسن نصر الله.
رفع سلاحه بمسدسه الأيقوني في وجه العالم.. الغريب أن مسدسه كان عليه كاتم صوت، وهو الرجل الذي صرخ صرخة في البرية يريد أن يسقط الجدار، أن يعلن الحرب، أن يحرك الطوفان، لأن الرضا بالأوضاع المهينة ليس حلًّا، والتوافق مع خطط الاحتلال ليس طريقًا، فلم يكن من حل إلا الجنون والاندفاع.
كان على إسرائيل أن تفكر قبل الطوفان وتسأل سؤالًا عميقا: لماذا لم تتوقع إسرائيل مثل عملية 7 أكتوبر؟، وعلى المستعمِر أن يتوقع رد المستعمَر، والعالم يجب أن يلوم إسرائيل على تفجيرها الوضع بالحصار، والقتل والتهجير، وحرمان الناس من بلد طبيعي كما يقول عزمي بشارة.
حزين أن ذكرى مصر في رواية الشوك والقرنفل تتعلق بحزنه على سلام السادات مع إسرائيل.. يقول السنوار في روايته الذاتية، كما نبهنا الصحفي حافظ الميرازي في منشور له:
“كم كانت صدمتنا عظيمة ونحن نسمع السادات يعلن أنه مستعد لزيارة الكنيست الإسرائيلي، والمصيبة كانت قد ألجمتنا تمامًا ونحن نسمع المذياع وهو يغطي زيارة السادات للقدس، وخطابه في الكنيست أمام الحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست في إسرائيل، لم يكن عندنا في الدار جهاز تليفزيون، لذا لم نر تلك الصور، ولكن التغطية للحدث في المذياع كانت كافية لصدمتنا بصورة أفقدتنا القدرة على إدراك ما حدث.. أكان ذلك حقيقة أم مجرَّد خيال؟!
ويبدو أن الصدمة أصابت العالم العربي بأسره أو في معظمه، إذ كان مستوى التناقضات والخلافات التي حدثت بين الأنظمة خطيرًا وبعيد الأثر وبصورة طبيعية، فقد كنا كفلسطينيين نميل بكل جوارحنا إلى الصوت المعارض والمضاد والهجومي ضد السادات وضد اتفاقيات كامب ديفيد”.
قال سيد قطب: “إن كلماتنا ستبقى عرائس ميتة من الشموع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح، وكُتبت لها الحياة”.. لقد انضم يحيى إلى القافلة، وقاتل ولم يكذب أو يخُن، تركَنا نتساءل بخجل عن مصير أمتنا، ودّعَنا ببيع روحه، فمن يرحم أرواحنا التي تعيش سفاسف الأمور وتوافه الحياة؟
{وسلامٌ عليه يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حيًّا}.
مهتم في مجال السير الذاتية والمذكرات
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى الجيشان خرجَ فارس من جيش الروم يطلب المبارزة، فخرج له رجل ملثَّم من جيش المسلمين فبارزه حتى قتله! ثم خرج فارس آخر من جيش الروم يطلب المبارزة، فخرج إليه الرجل الملثم نفسه من جيش المسلمين فبارزه حتى قتله! ثم خرج فارس ثالث من...
0 تعليق