في التعامل مع الحرب على غزّة.. من النذل ومن الأنذل؟!
بقلم: محمد خير موسى
| 8 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: محمد خير موسى
| 8 نوفمبر, 2023
في التعامل مع الحرب على غزّة.. من النذل ومن الأنذل؟!
تبارى ثلاثة رجال في مسابقة لاكتشاف أكثرهم نذالة، يكشفون أنذال العدو والتطبيع. تحليل لسلوكيات الكيان الصهيوني وأذنابه في استهداف فلسطين وتسهيل الاستبداد.
تحليل في سلوكيات الكيان الصهيوني والمتواطئين
تبارى ثلاثة رجال يوما في مسابقة غريبة، مسابقة لاكتشاف أكثرهم نذالةً، فقال الأول: أنا أنذلكم! قال الآخران: أثبت لنا ذلك؛ فنزل إلى الشارع وأمسك عجوزا تتهادى وحدها، بالكاد تقدر على المسير، وبدأ يضربها بوحشيّة حتى أغمي عليها.
ورجع إلى صاحبيه تاركا ضحيته غارقة في دمائها؛ قائلا بفخر: هل رأيتم من هو أنذل مني؟! فقال الثاني: نعم أنا أنذل منك؛ فأجابا بتعجّب واستنكار: وكيف ذلك؟! فما كان منه إلا أن تقدّم إلى العجوز نفسها؛ ونضح في وجهها الماء حتى أفاقت من إغمائها؛ ليعاود ضربها بوحشية أكثر من سابقه، ثم عرَّاها من ثيابها، وعاد إلى رفيقيه مزهوًّا بنذالته.
وصل ليجد الثالث واقفا يصفق ضاحكا وهو يقول: لقد فزتُ أنا، أنا أنذلكم!! فاستنكر المجرمان: كيف تكون أنذلنا وأنت لم تفعل شيئا سوى الاكتفاء بالتصفيق والضحك لما نفعله بهذه العجوز؟! فقال لهما: هذه العجوز أمي!!
إن الكيان الصهيوني غارق في النّذالة لأنه يضرب أُمَّنا فلسطين، ويقصف أُمَّنا غزّة، وهو عنوان الإجرام الذي لا تخطئ نذالتَه عينٌ؛ ولكن أنذل منه بكثير “ابن فلسطين” الذي يطارد المقاومين ويعتقلهم ويقتلهم كرمى لعيون قاتل أُمّه، ويتغاضى عن تهويد القدس وتدنيس المسجد الأقصى.
وأنذل من الكيان الصهيوني “ابن الأُمّة” الذي يسعى جاهدا للتطبيع معه وطيّ صفحة العار؛ بل يسعى إلى تثبيت أوصال الضحيّة التي هي الأمّ فلسطين ليتيح للعدو التنكيل المستمر بها بكل يسر وسهولة، وقد صارت النذالة بأبشع صورها وجهة نظر يجب أن تُحترَم وتُتقبَّل، وصار الأنذال أصحاب رأي آخر علينا تقبّله واحترامه!
إن الطغاة والمجرمين ليسوا أبناء هذه الأرض مهما انتسبوا إليها وتكلموا لغتها، إنهم غرباء عن ملحها وعن مائها، غرباء عن تاريخها وحاضرها ومستقبلها، فلذلك هم قادرون على حرق كل شيء وكل أحد، حتى أُمّهم التي هي أُمّتهم من أجل الاستقرار على الكرسي الزائل لا محالة.
ولا أحد يشك أن أمريكا التي تضرب أُمّنا “الأمّة الإسلامية”، وتشارك الصهاينة في ضرب “أمّنا” غزّة المنهكة، تمارس أبشع صور النذالة؛ فهي لم تترك رأسا في بقعة من بقاع الأمة الإسلامية إلا ومدّت يدها إليه لطمًا وصفعًا وشجًّا ولكمًا.
ولكن أنذل من أمريكا أولئك الحكام الذين جعلوا منها إلهًا لا يُقهَر، وأداروا الظهور لشعوبهم وولّوا وجوههم شطر واشنطن، وراحوا يحجّون إلى البيت الأبيض كلما منّ عليهم سيّدهم هناك بفرصة للقاء المقدَّس، وصمتوا عن قتل أهلهم في غزّة متخاذلين، أو صفّقوا لذلك متواطئين.
ثم ماذا؟!
من الضرورة بمكان أن يتمّ تحرير هذا المعنى في (من هو النذل ومن هو الأنذل)، ومن هو المجرم ومن هو الأشدّ إجرامًا، ومن هو العدوّ والأشدّ عداوة. فإن أخطر ما يمارسه الطغاة هو تلبيس مفهوم العدوّ، وحصره في العدوّ الخارجي هو مما يساهم في انقسام المجتمعات على أنفسها عندما تواجه عدوًّا خطيرًا يفتك بها ويمسح وجودها حقيقةً ومعنىً. وإن فهم ماهية العدوّ وحقيقة عداوته لا تعني بالضرورة المواجهة المباشرة، بقدر ما تعني اتخاذ التدابير اللازمة في التعامل مع العدو من الحيطة والحذر والتيقّظ وانتظار الفرصة المواتية، وعدم الركون إلى معسول القول ولطيف الحديث.
إن هؤلاء الذين هم أنذل من أعدائنا الصريحين هم أعداء أيضا؛ ووضوح ذلك مهمٌّ للغاية عند التعامل معهم في الأطر المختلفة وعلى المستويات المتنوعّة. وقد وضع القرآن الكريم منهجا واضحا في تسمية هؤلاء بالعدوّ وطبيعة التعامل معهم، ما يوجب على الناس السير على هذا المنهج في التقييم وآليّة التعامل؛ قال تعالى: {وإِذا رأيتَهم تعجبك أجسامُهم ۖ وَإِن يقولوا تسمعْ لقولهم ۖ كأنَّهم خُشُبٌ مُّسَنَّدةٌ ۖ يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم ۚ هم العدوُّ فاحذرهم ۚ قاتلهم اللَّه ۖ أَنَّىٰ يؤفَكون} [المنافقون: 4].
تبارى ثلاثة رجال يوما في مسابقة غريبة، مسابقة لاكتشاف أكثرهم نذالةً، فقال الأول: أنا أنذلكم! قال الآخران: أثبت لنا ذلك؛ فنزل إلى الشارع وأمسك عجوزا تتهادى وحدها، بالكاد تقدر على المسير، وبدأ يضربها بوحشيّة حتى أغمي عليها.
ورجع إلى صاحبيه تاركا ضحيته غارقة في دمائها؛ قائلا بفخر: هل رأيتم من هو أنذل مني؟! فقال الثاني: نعم أنا أنذل منك؛ فأجابا بتعجّب واستنكار: وكيف ذلك؟! فما كان منه إلا أن تقدّم إلى العجوز نفسها؛ ونضح في وجهها الماء حتى أفاقت من إغمائها؛ ليعاود ضربها بوحشية أكثر من سابقه، ثم عرَّاها من ثيابها، وعاد إلى رفيقيه مزهوًّا بنذالته.
وصل ليجد الثالث واقفا يصفق ضاحكا وهو يقول: لقد فزتُ أنا، أنا أنذلكم!! فاستنكر المجرمان: كيف تكون أنذلنا وأنت لم تفعل شيئا سوى الاكتفاء بالتصفيق والضحك لما نفعله بهذه العجوز؟! فقال لهما: هذه العجوز أمي!!
إن الكيان الصهيوني غارق في النّذالة لأنه يضرب أُمَّنا فلسطين، ويقصف أُمَّنا غزّة، وهو عنوان الإجرام الذي لا تخطئ نذالتَه عينٌ؛ ولكن أنذل منه بكثير “ابن فلسطين” الذي يطارد المقاومين ويعتقلهم ويقتلهم كرمى لعيون قاتل أُمّه، ويتغاضى عن تهويد القدس وتدنيس المسجد الأقصى.
وأنذل من الكيان الصهيوني “ابن الأُمّة” الذي يسعى جاهدا للتطبيع معه وطيّ صفحة العار؛ بل يسعى إلى تثبيت أوصال الضحيّة التي هي الأمّ فلسطين ليتيح للعدو التنكيل المستمر بها بكل يسر وسهولة، وقد صارت النذالة بأبشع صورها وجهة نظر يجب أن تُحترَم وتُتقبَّل، وصار الأنذال أصحاب رأي آخر علينا تقبّله واحترامه!
إن الطغاة والمجرمين ليسوا أبناء هذه الأرض مهما انتسبوا إليها وتكلموا لغتها، إنهم غرباء عن ملحها وعن مائها، غرباء عن تاريخها وحاضرها ومستقبلها، فلذلك هم قادرون على حرق كل شيء وكل أحد، حتى أُمّهم التي هي أُمّتهم من أجل الاستقرار على الكرسي الزائل لا محالة.
ولا أحد يشك أن أمريكا التي تضرب أُمّنا “الأمّة الإسلامية”، وتشارك الصهاينة في ضرب “أمّنا” غزّة المنهكة، تمارس أبشع صور النذالة؛ فهي لم تترك رأسا في بقعة من بقاع الأمة الإسلامية إلا ومدّت يدها إليه لطمًا وصفعًا وشجًّا ولكمًا.
ولكن أنذل من أمريكا أولئك الحكام الذين جعلوا منها إلهًا لا يُقهَر، وأداروا الظهور لشعوبهم وولّوا وجوههم شطر واشنطن، وراحوا يحجّون إلى البيت الأبيض كلما منّ عليهم سيّدهم هناك بفرصة للقاء المقدَّس، وصمتوا عن قتل أهلهم في غزّة متخاذلين، أو صفّقوا لذلك متواطئين.
ثم ماذا؟!
من الضرورة بمكان أن يتمّ تحرير هذا المعنى في (من هو النذل ومن هو الأنذل)، ومن هو المجرم ومن هو الأشدّ إجرامًا، ومن هو العدوّ والأشدّ عداوة. فإن أخطر ما يمارسه الطغاة هو تلبيس مفهوم العدوّ، وحصره في العدوّ الخارجي هو مما يساهم في انقسام المجتمعات على أنفسها عندما تواجه عدوًّا خطيرًا يفتك بها ويمسح وجودها حقيقةً ومعنىً. وإن فهم ماهية العدوّ وحقيقة عداوته لا تعني بالضرورة المواجهة المباشرة، بقدر ما تعني اتخاذ التدابير اللازمة في التعامل مع العدو من الحيطة والحذر والتيقّظ وانتظار الفرصة المواتية، وعدم الركون إلى معسول القول ولطيف الحديث.
إن هؤلاء الذين هم أنذل من أعدائنا الصريحين هم أعداء أيضا؛ ووضوح ذلك مهمٌّ للغاية عند التعامل معهم في الأطر المختلفة وعلى المستويات المتنوعّة. وقد وضع القرآن الكريم منهجا واضحا في تسمية هؤلاء بالعدوّ وطبيعة التعامل معهم، ما يوجب على الناس السير على هذا المنهج في التقييم وآليّة التعامل؛ قال تعالى: {وإِذا رأيتَهم تعجبك أجسامُهم ۖ وَإِن يقولوا تسمعْ لقولهم ۖ كأنَّهم خُشُبٌ مُّسَنَّدةٌ ۖ يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم ۚ هم العدوُّ فاحذرهم ۚ قاتلهم اللَّه ۖ أَنَّىٰ يؤفَكون} [المنافقون: 4].
مختص بقضايا الفكر الإسلامي ومشكلات الشباب
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق