يوم الأرض
بقلم: أيمن العتوم
| 1 أبريل, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 1 أبريل, 2024
يوم الأرض
حرب الإبادة والتجويع لم تتوقف على أهل غزّة، وإذا ما تخفّف القطاع من الموت لساعة أو اثنتين فليس من أجل أهلها، وإنما من أجل التقاط العدوّ اللئيم القاتل أنفاسَه، والاستعداد إلى المرحلة الأخرى من ابتلاع الأرض، وتدمير البشر والشجر والحجر.
اصطنعت إسرائيل بعد حرب عام 1984م وإعلان دولتها اللقيطة قانون الأرض البور، وملخصه أن: “كل أرض لم يفلحها أصحابها لأكثر من عام يحق لإسرائيل مصادرتها وتوزيعها على جهات أخرى تتعهد رعايتها”؛ ثم قامت بعد ذلك بمنع العرب أصحاب الأرض تحت الحُكم العسكري من دخول أراضيهم الزراعية لمدة تزيد عن عام، وصار يحق لها حينها باسم القانون؛ القانون الذي سَنَّته هي، وخطّطتْ لتنفيذه بالحيلولة بين الناس وأراضيهم، أن تسرق الأرض، وأن تأخذها قانونيًّا، ومن ثم توزّعها على الإسرائيليين الذين جاءت بهم من أصقاع الأرض لتكون مُلكًا لهم، ولا حق لهم فيها ولا في ذرّة رمل من ترابها، ولكنه تغوّل القوة، وسلطة الحكم العسكري، الذي تفرضه بجنازير دباباتها، وراجمات صواريخها.
ثم تحوّلت هذه السرقات العلنيّة إلى سرقات من نوع جديد، صارت الدولة تصادر الأراضي تحت هذا القانون، وتتملَّكها، وتقيم عليها المستوطنات لإيواء المُتدفّقين من أوروبا وأمريكا وروسيا من المهاجرين الجُدُد، وقامت المستوطنات بابتلاع الأرض الطاهرة، ووقفتْ مثل غربان الشؤم فوق التراب المقدس، ومُلِّكَ من لا يملك ولا يستحق منها شبرًا الأطيانَ والثمار والزروع.
والأرض هي المعادل الموضوعي للوجود الإنساني، فإن المحتل – أيًّا كان هذا المحتل- قام باستلاب الأرض من أهلها أول الأمر، وحتى يكون احتلاله تامًّا وسيطرته كاملة، عمد بكل ما يملك من وسائل إلى نزعِ الإنسان من أرضه واقتلاعه منها بوصفها تعني هُوُيّته ووجوده.. هذا ما فعله محتلُّو أمريكا مع سكانها الأصليين حين جاؤوا، وكذلك فُعِل بأهل أستراليا الأصليين. ويأتي المحتل أول الأمر بوعود براقة، وأمانيّ خادعة، وبنوايا خبيثة يختبئون فيها خلف الرفاه والاستقرار والتحضر والتقدم، فيقولون لأهل الأرض: إنما نأخذها لكي يزيد إنتاجها ومن أجل أن تعود غلَّتها حين نستثمرها عليكم بالغنى والثراء، وهم يحملون خلف هذه الوعود والأمانيّ وجوهًا كالحة، ويستترون وراء قناعٍ من الإنسانية والمساعدة، لو كشفْتَه لبان لك الوجه الحقيقي الذي هو وجه وحش، وقاتل، ليس في يده منجل الحصاد كما يسوّق نفسَه، بل في يده خنجر القتل والذبح المسموم.
وفي القصة التاريخية ليوم الأرض أن حكومة إسرائيل قامت في السبعينيات من القرن المنصرم بمصادرة (17) ألف دونم، من أجل تحويلها إلى منطقة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي، تقع في دير حنا وسخنين وعرابة وطرعان وكفر كنّا وغيرها من القرى الفلسطينية، وفي أعقاب هذه القرارات هبّ الفلسطينيون يثورون ضد هذه المصادرات، وأعلنوا عن تنظيم الإضرابات العامة والاحتجاجات يوم 30 آذار من عام 1976م، ما دفع الجيش إلى أن يفرض حظر التجوال على هذه القرى وما كان في محيطها. وخرق الحظرَ الثّوارُ، فتلقّتْهم رصاصات الاحتلال فقتلتْهم، كانوا ستة شهداء، نعم ستة شهداء صنعوا التاريخ من أجل أن يظلّ هذا اليوم، يوم الأرض، شاهدًا على تشبث الفلسطيني المقاوم بأرضه، وأنه لن يتخلى عنها مهما كان الثمن الذي سيدفعه، ولو كان حياته.
واليوم، كل المستوطنات التي في غلاف غزّة هي نتاج هذا التاريخ الطويل من سرقة الأراضي، ومن طرد أصحابها الأصليّين.. وحين قامت هذه الحرب التي بدأتْها المقاومة في غزّة، كان أول ما فعلتْه أن حلّقت بطائراتها الشراعية البسيطة فوق هذه المستوطنات، ودخلتْ إليها بالسلاح في محاولة لاستعادتها، أو لتقول للمحتل الإسرائيلي: إننا لم ننسَ حقّنا، وإن هذا الحق لا يسقط بالتقادم، وإننا يومًا ما سنحرر فلسطين كامل فلسطين، ولن نترك لكم فيها شبرًا تعيثون فيه فسادًا، وإنه إذا أقدمت الأسود على القتال، فإن من طبيعة الضباع أن تولّي هاربة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق