
أنا أطول منه!
بقلم: أيمن العتوم
| 12 فبراير, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 12 فبراير, 2024
أنا أطول منه!
تناول المقال قصة طفولية تربط بين رغبة في الاختيار والقيادة في الحروب الحديثة، معتبرًا التغير في المقاييس.
تأملات ترافق طيّات النضج والقيادة في زمن الفوضى.
الطول في القيادة..! من الطفولة إلى النضج
كنا نقف على رؤوس أصابعنا في نهاية المرحلة الابتدائية أمام أستاذ الرياضة، ونهتف بصوت رفيعٍ قد شابه بعض البحّة والرجولة: “أنا أطول منه”، ويلكز بعضنا بعضًا بكوعه قائلاً لمن هو إلى جانبه: “بل أنا أطول منه يا أستاذ”.
كنا نفعل ذلك من أجل أن يختار أطولَنا هذا ولو بالاستطالة المزيّفة هذه من أجل لعب كرة السلة، أما من كانوا يرغبون أن يلعبوا كرة القدم فلم يكونوا بحاجة إلى هذا الاستعراض الطفولي في التطاول! وكان الأستاذ يُمرّر عيونه الفاحصة علينا واحدًا واحدًا ليكتشف من كان ذا طول حقيقي ليختاره لهذه اللعبة، وكانت رُكَبنا في هذه الإمرارة من عيون المدرّس تصطفق خوفًا وترتعش لمجرد أننا نخشى أن نُكتشَف، وما أسهله من اكتشاف، وبالتالي نُستَثنى ولا نحظى بشرف الاختيار لهذه اللعبة المشتهاة.
هذا المنظر ذاته، الخوف من اكتشاف الطول الحقيقي للواحد منّا، والخوف من الاستثناء للفوز بهذا الشرف لكن بصورة أخرى، في زمان مختلف ومكان غير هذا، كان يحدث مع الصحابة صغار الأعمار، الذين كان بعضهم يطاول صاحبه من أجل أن يحظى بشرف الاختيار للدخول في معركة بدر.
أتذكّرُ ذلك الماضي السحيق وأبتسم ابتسامة حزن وأمل، لقد كان الاختيار يُعَدّ يومئذ شرفًا.. واليوم، والحرب تقترب من يومها الثلاثين بعد المئة، هل ظلّ في القوم من يقف على أطراف أصابعه من أجل أن يُثبِت أنه جدير بخوض هذه المخاضة، والجهاد في هذه الحرب الضروس؟! نحن نعرف أن الحرب لم تُبقِ شيئًا، لم تبقِ شجرًا ولا حجرًا ولا بشرًا، وحتى لو بقي بعض البشر، فإنها لم تبقِ لهؤلاء الباقين سيقانًا من أجل أن يقفوا بها على أطراف أصابعهم.
غير أننا اليوم لا نطلب من ذوي القامات الطويلة أن يدخلوا الحروب ليدفعوا عن أهليهم وأنفسهم الموت، ولكننا نطلب منهم أن يقف الواحد منهم على رؤوس أصابعه فيوقف هذه الحرب التي لا ترحم، أو يقف على تلك الرؤوس فيسمح للطعام والدواء أن يدخل، أو حتى يقف على تلك الرؤوس لتلك السّيقان الطويلة ويصرخ في المحافل: كفى سُعارًا أيها العالَم، كفى جنونًا، كفى خذلانًا، أوقفوا هذه المجزرة التي لا تشبع!
اليوم لم يعد هناك من يقول أنا أطول منه، ولا أحسن منه، ولا أقوى منه، لم تَعُد هذه الدوافع الإيجابية التي تقود المرء إلى القيم العُليا من المروءة والنخوة والمبادرة والشجاعة موجودة عند ذوي القامات الطويلة، بل حلّ محلها التخوين والتسفيه والتتفيه، والتريّث وعدم الانجرار وراء العواطف بدعوى التعقّل، وأن الأمور لا تُدار بهذه الطريقة، وأن الإبل لا تُورد يا سعدُ هذه الموارد، كل ذلك يقولونه ولا يحركون ساكنًا، والدماء تنزف وتسيل من الأجساد كلها حتى تصبح أنهارًا فبحارًا فطوفانًا يُغرق البلاد والعباد.
اليوم لم يعد أحد من ذوي القامات الطويلة يقول أنا أطول منه، ولكنه يقول أنا أعقل منه، أنا أَبْصَرُ بالأمور، أنا أَقدَرُ على قراءة المستقبل واستشرافه، أنا أُريد أن أحمي ساقَيّ من أن تتكسّرا، أو أن تسيل المياه من تحتهما دون أن أدري، أنا لا أريد أن أكون أطول منه في أي حال من الأحوال!
لكم الله يا أهل غزّة، لا تنتظروا من ذوي القامات الطويلة أن ينصروكم أو ينتصروا لكم، أتعرفون لماذا؟ لأنهم أقزام، وما كان القِزْم ليصبح طويلاً مهما حاول، ولا أن يكون عاليا مهما توهّم. ولأن قامة أصغر طفلٍ رضيع فيكم أطول من هذه القامات الطويلة الفارغة كلها:
عُـدّ الـمـلايـيـنَ لـكـنْ جـوفُ أفـئـدةٍ هي الفراغ، وهذا الرمح من قصب

صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
وسوف تدور الايام ، وساقان لا تقويان على صلاة الفجر ، وجسد لم يعتد الجوع وتقلب الحال ، ليس جسدا قادرا على الجهاد في سبيل الله ، والجهاد شرع للنصر لا للقتل ، لله ذركم يا اهل غزة 💔
نعم
إنما الطول والقزم بحسب ما وقر في القلب وصدقه العمل