إدارة النجاح والفشل!

بقلم: أدهم شرقاوي

| 13 مايو, 2023

بقلم: أدهم شرقاوي

| 13 مايو, 2023

إدارة النجاح والفشل!

يروي روبرت غرين في كتابه الماتع “33 استراتيجية للحرب”:
إنه خلال حرب فيتنام، كان لدى جنرال فيتنام العظيم “فو نجوين غياب” مبدأ عام: كان بعد كل حملة ناجحة، يُقنع نفسه أن الأمر كان عاديا ولا بد من شيءٍ جديد؛ وهكذا لم تُسكره نجاحاته، ولم يكن يكرر ذات الأسلوب في معركتين!.
ولاعب البيسبول الأمريكي “تيد وليامز”، وهو أحد أعظم الرماة في تاريخ اللعبة، كان مصيبا في أنه كان ينسى دائم آخر رمياته، سواء انتهت بالنجاح أو الفشل.. كان دوما يردد: ليس هناك رميتان متشابهتان، حتى ولو كان متلقي الكرة هو اللاعب نفسه!.
النجاح والفشل أمران طبيعيان يصيبان كل إنسان، ولكن الطريقة في التعامل معهما هي التي تختلف من إنسان إلى آخر!.

النجاح مُسْكِر!. الكثيرون من الأبطال الرياضيين أُسقطوا عن القمة، لأنهم زهدوا في التدريب بعد وصولهم؛ وبينما كان أحدهم واقفا مكانه، كان هناك آخر يتدرب بجد ليصل إلى القمة ويزيحه!

النجاح بحد ذاته مدعاة للغرور والكسل، وكثيرون من الناس كان مقتلهم في وصولهم إلى القمة، لأنهم اعتبروا أن البطولة هي أن يصل المرء إلى القمة، بينما البطولة في الحقيقة ليست في مجرد الوصول إلى القمة، وإنما في البقاء عليها بعد الوصول!.
والفشل مدعاة للتردد والخوف.. إنه يملأ الإنسان بحذر مضاعف، إذ يعز عليه أن ينكسر مرتين!. وأغلب الذين استسلموا للفشل لم يفعلوا هذا بعد الفشل الأول، وإنما بعد الفشل الثاني؛ لأن الفشل الأول كما يفهمه الناس هو فشل في الطريقة، بينما الفشل الثاني هو الذي يجعل المرء يرى نفسه فاشلا، وهنا تكمن الخطورة!.
النجاح مُسْكِر!. الكثيرون من الأبطال الرياضيين أُسقطوا عن القمة، لأنهم زهدوا في التدريب بعد وصولهم؛ وبينما كان أحدهم واقفا مكانه، كان هناك آخر يتدرب بجد ليصل إلى القمة ويزيحه!. وكل الإمبراطوريات التي سقطت على مرِّ التاريخ، سقطت لأن الترهل أصابها بعد أن اعتقدت أنه لم يعد هناك منافسون قادمون!.
حتى العديد من الأدباء كان نتاجهم الأدبي قبل الجوائز أجمل من الذي بعدها؛ لهذا فإن التعامل مع النجاح وطريقة إدارته، برأيي، أكثر صعوبة من تحقيقه!.
أما الفشل، فيجب أن يكون حافزا.. لا بأس ببعض الحذر، ولكن بشرط أن لا يكون هذا الحذر سيفا مسلطا؛ وسقوط الإنسان مرّة هو مجرد حدث، ولكن بقاءه ساقطا هو قرار!. لهذا، رأيي أن الفشل في إدارة الفشل هو المقتل، أما الفشل بحد ذاته فهو مجرد حدث!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

مع الهمجية ضد التمدن

مع الهمجية ضد التمدن

يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...

قراءة المزيد
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون

الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون

بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...

قراءة المزيد
أطفال غزة يصافحون الموت

أطفال غزة يصافحون الموت

إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...

قراءة المزيد
Loading...