التّدفّق في الكتابة (2)

بواسطة | أغسطس 28, 2023

بواسطة | أغسطس 28, 2023

التّدفّق في الكتابة (2)

استكمالا لما تم تذكره في المقال الأول بعض الأمثلة للكُتّاب غزيري الإنتاج من غير ترتيب ولا اتفاق:
4. كتب ابن سينا الطبيب والفيلسوف والشاعر والموسيقي، الذي عاش أكثر من ثلثي حياته مريضا ومطاردا ومنفيا ومسافرا، ومات وعمره (57) سنة، أقول: كتب (276) كتابا، أحدها – على سبيل المثال – كتاب (القانون في الطب)؛ الكتاب الذي كان الغرب يعده كتاب الطب المقدس في جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
5. أما الرازي، فقد كتب أكثر من (130) كتابا، واحد منها هو كتاب (الحاوي) في الطب، ويتكون من (20) مجلدا! قال عنه (ول ديورانت) في كتاب (قصة الحضارة) في المجلد السابع، الجزء 13، ص 191: “وأشهر أطباء هذه الأسرة الرحيمة على بكرة أبيها، هو أبو بكر محمد الرازي (844 – 926م) اشتهر بين الأوروبيين، باسم (رازيس)، وكان أبو بكر كمعظم كبار العلماء والشعراء في وقته فارسيا، يكتب بالعربية. وكان مولده في بلدة الري، ودرس الكيمياء بنوعيها، والطب في بغداد، وألف (131) كتابا، نصفها في الطب، ضاع معظمها. ومن أشهر كتبه كتاب الحاوي وهو كتاب في عشرين مجلدا، ويبحث في كل فرع من فروع الطب، وقد تُرجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية”.
6. كتب عباس محمود العقاد صاحب الثقافة الموسوعية أكثر من (100) كتاب، ونحوا من (15) ألف مقال، وجُمِعتْ بعد موته في (26) مجلدا ضخما.
7. كتب نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب حوالي (55) رواية في حياته، غير آلاف المقالات والنصوص والسيناريوهات التي كتبها للمسلسلات، وغيرها. وفي عام 1975م وحده نشر ثلاث روايات هي: حكايات حارتنا، وقلب الليل، وحضرة المحترم.
8. كتب الروسي (أنطون تشيخوف) أكثر من (200) رواية وقصة ومسرحية، ومات وعمره (44) عاما!!.
9. كتب (يوكيو ميشيما) الياباني (40) رواية، و(18) مسرحية، و(20) مجموعة قصصية، وجُمِعتْ مقالاته في (20) كتابا، وانتحر عن عمر (45) عاما!!.
10. كتب (بلزاك) الروائي الفرنسي الذي تُوفّي سنة 1850م عن عمر قريب من الخمسين، أكثر من (90) رواية، وكان يكتب في اليوم (7) ساعات متواصلات.
11. كان الفيلسوف الدانماركي (كيركيجارد) يكتب بتدفق لا نهائي، فقد كتب أكثر من أربعة عشر كتابا وثمانية عشر مجلدا من اليوميات والتأملات، والفِكَر حول أعماله وملاحظاته اليومية، فقط في فترة لا تتجاوز (8) سنوات، وتُوفّي في الثانية والأربعين من عمره.
12. أنتج الروائي الإنجليزي (ترولوب) (47) رواية، بالإضافة لمجموعات قصصية ومسرحيات وكُتُب فكرية؛ واللافت أنه قام بكل ذلك أثناء اشتغاله بوظيفة حكومية في مكتب البريد، ولم يكن متفرغا كما يُظن بأحوال الكُتّاب، بل كانت وظيفته تتطلب منه الكثير من الأسفار. وفي سيرته الذاتية يحكي أنتوني سر تلك الإنتاجية: “لقد أثبتُّ لنفسي عادة أن أكتب وساعتي أمامي، وأتطلب من نفسي إنتاج (250) كلمة كل ربع ساعة؛  وظهر لي أن المئتين وخمسين كلمة تتدفق بسلاسة متزامنة مع حركة عقارب الساعة. هذه التوزيعة مَكَّنتني من إنتاج ما يزيد على عشر صفحات من رواية عادية في اليوم، وإذا حافظتُ على هذا النهج على مدى عشرة أشهر، فذلك يُنتج ثلاث روايات في ثلاثة أجزاء في العام”.
13. كتب ديستويفسكي رواية (المقامر) خلال (20) يوما لأنه كان محتاجا للمال، وكان قد وعد ناشره بأن يسلمها له خلال ثلاثة أسابيع، وهذا ما حدث فعلا، بينما كان في الوقت نفسه يكتب روايته الخالدة: (الجريمة والعقاب) التي يقترب عدد صفحاتها من (1000) صفحة، وقد أنجزها خلال أشهر!.
14. كتب (فيكتور هيجو) الروائي الفرنسي روايته (آخر يوم لمحكوم بالإعدام) خلال أسبوع، وقِيل خلال يوم واحد. والرواية من (157) صفحة.
15. كتب (ويليام فوكنر) روايته (بينما أرقد محتضرة) من منتصف الليل وحتى الساعة الرابعة فجرا على مدى ستة أسابيع، عندما كان يعمل في محطة توليد كهرباء.
16. قيل إن (آرنست همنغواي) كتب إحدى رواياته، ولعلها (لمن تُقرَع الأجراس)، خلال أربعة أيام فقط.
17. كتب (إسخيلوس) الذي تُوفّي في القرن الخامس قبل الميلاد (٩٠) مسرحية لم يَصِلْ إلينا منها إلا سبع.
18. كتب الروائي المسرحي اليوناني (يوربيديس) (92) مسرحية ورواية، وصل إلينا منها (١٨) عملا فقط، إذا ما ضمّنّاها مسرحية (ريسوس) المشكوك في نسبتها إليه.
19. كتب (سوفوكليس) صاحب المسرحيّة الأشهر (أوديب) حوالي (١٢٠) مسرحية، وصل إلينا منها (٧) فقط.
20. كتب (ديوكاسيوس ككيانس) كما جاء في كتاب (قصة الحضارة) تاريخ روما من روميليوس إلى أيامه سنة (٢١٠) م في ٨٠ مجلدا خلال (١٩) عاما، ابتدأ به وهو في عمر الخامسة والخمسين وأنهاه في عمر الرابعة والسبعين؛ بمعنى أنه كان يكتب أكثر من (٤) مجلدات في السنة؛ أي أنه كان يكتب المجلد في أقل من ثلاثة أشهر!!.
21. كتب (كولن ويلسون) صاحب الكتاب الشهير (اللامنتمي) أكثر من (100) كتاب، وكان ينشر في السنة الواحدة ثلاثة كتب أو أربعة.
22. كتب المصري (عبد الرحمن بدوي) أكثر من (150) كتابا توزّعتْ على الفلسفة والترجمة والتحقيق، وكان أغلبها في الفلسفة، ما يقفنا أمام سؤال: لو كتب في غير الفلسفة فكم سيكون قد أنجز؟.
23. ألف الإمام الغزالي خلال مدة حياته (55 سنة) الكثير من الكتب في مختلف صنوف العلم، حتى قيل: إن تصانيفه لو وُزّعتْ على أيام عمره لأصاب كل يوم كتاب؛ وقد وضع الباحثان جميل صليبا وكامل عياد قائمة بمُؤلفات الغزالي ضمت (228) كتابا ورسالة، ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود.
24. كتب (ابن عساكر) المُتوفّى عام (571 هجرية) ما يزيد عن خمسة وثلاثين عنوانا، (تاريخ مدينة دمشق) وحده من هذه العناوين بلغ عدد أجزائه ثمانين جزءا، بما يقرب من خمسة وعشرين ألف صفحة!.
25. كتب الموسوعي الرحالة الشاعر (ياقوت الحموي) المُتوفّى عام (622 هجرية) عن ستة وأربعين عاما مؤلفات ضخمة، اثنان فقط منها هما (معجم الأدباء) و(معجم البلدان)، عدد صفحاتهما يقترب من عشرة آلاف صفحة!!.
26. الإمام الطبراني المُتوفّى سنة (360 للهجرة)، زادت مؤلفاته عن (75) مؤلفا، كما ينقل عنه الحافظ الذهبي في (تذكرة الحُفّاظ): “كنت أنام على البواري؛ أي الحُصُر، مدة ثلاثين عاما”.
27. ابن الجوزي المُتوفّى سنة (597 للهجرة) كتب نحو (300) كتاب في التفسير والحديث والتاريخ واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم، وقال عنه الذهبي: “ما علمتُ أن أحدا من العلماء صنّفَ ما صنّف هذا الرجل”.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...