الجنازة حامية، والميت كلب!

بواسطة | يناير 27, 2024

بواسطة | يناير 27, 2024

الجنازة حامية، والميت كلب!

تتناول هذه المقالة تناقضات الحالة التي شهدت جنازة جندي (كلب) في جيش الاحتلال اسمه “أحمد”، مستعرضة التحديات الأيديولوجية والصراعات الدينية في سياق صورة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.

جنازة حامية لجندي كلب – بين الأمثال الشعبية والتناقضات الإيديولوجية

من الأمثال التي حفظتُها من جدّتي، رحمها الله: “الجنازة حامية، والميت كلب!”.. والمثل يُضرب لكل من تُقام له فعالية أكبر من حجمه، فالأمثال بمعناها لا بألفاظها، غير أني لأول مرَّة أجد مثلاً ينطبق على حالة ما بلفظه ومعناه!

منذ أيام، انتشرت صورة لصلاة جنازة حامية على جندي كلب في جيش الاحتلال اسمه أحمد، مسلم كما يوحي اسمه، من أصل عربي كما توحي وجوه المصلين عليه! غير أن العبرة – وكما تعرفون- بالأعمال لا بالأسماء، وبالعقيدة لا بالأصل، فأبو لهب الهاشمي وأبو جهلٍ القرشي في النار، وبلال الحبشي وصهيب الرومي في الجنة!

كان النعش ملفوفاً بعلم دولة الاحتلال، ولست أدري إن كانوا قد غسّلوا جيفته فأزالوا دماء أطفال غزّة عن يديه، ولستُ أعلم إن كانوا قد كفّنوه فخلعوا عنه بذلته العسكرية، التي عليها غبار مساجد خان يونس، التي ساواها بالأرض الجيشُ الذي يُقاتل تحت رايته.. ولكني رأيتهم قد رفعوا أيديهم يسألون الله له المغفرة!

والمشكلة ليست في الكلب الذي في النعش، فهذا حكمه في الشرع معروف وواضح ولا خلاف فيه، مرتدّ مُحارب لا يُصلّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُورَث، وتُوارى جيفته في أي تراب كي لا يُؤذي نتنها الناس! المشكلة في هؤلاء الحمقى الذين أقاموا هذه الجنازة الحامية للكلب، وفي الحمقى عن بُعْد في مواقع التواصل، الذين تحدثوا أن له ما له وعليه ما عليه! هؤلاء المسلمين “الكيوت” الذين يُخشى أن تُخرجهم “كياتتهم” من الدين الذي خرج منه أحمد، لا من اللحظة التي بدأ فيها بقتل أطفال غزّة، وإنما من اللحظة التي انتسب فيها إلى جيش الاحتلال!

صلى النبي ﷺ على ابن سلول، قبل أن يُنهى عن الصلاة على المنافقين، فلم ينتفع ابن سلول بذلك! هذا لأن للدين نواقضَ لا يصلحها شيء، ولو صلى عليك الأنبياء!

‏قاتل بعض “المسلمين” في صفوف التتار إبّان غزوهم لبلاد المسلمين، فكأن بعض المجاهدين من شدة حرصهم على عدم سفك دم حرام، وجدوا حرجاً في قتل هؤلاء، إذ ذاك قال لهم ابن تيمية قولته الشهيرة: إذا رأيتموني في جانب التتار وعلى رأسي مصحف، فاقتلوني!

العقيدة لا مواربة فيها، والولاء والبراء لا يوجد فيه منطقة وسطى، والحرب في غزّة صراع بين إيمان وكفر لا لبس فيهما، ولا تقبل اللون الرمادي، فإن كان الراضي بقتل أهل غزّة، والشامت بدمائهم قد خلع إسلامه وهو في بيته، فكيف بمن يشارك في قتلهم بيديه؟!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

1 تعليق

  1. ام يوسف

    روووعه جزاك الله خيرا عن الاسلام والمسلمين

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...