المقاومة المعجزة!

بواسطة | ديسمبر 2, 2023

بواسطة | ديسمبر 2, 2023

المقاومة المعجزة!

تتناول المقالة صفقة وفاء الأحرار وتبرز دهاء المقاومة الفلسطينية في التعامل مع الاحتلال وتحليل أحداث يوم السابع من أكتوبر، مظهرة فطنتها الإستراتيجية في تحقيق الانتصارات الميدانية والإعلامية.

فكر الانتصار: دهاء المقاومة الفلسطينية في صفقة وفاء الأحرار ويوم السابع من أكتوبر

قبل إبرام صفقة وفاء الأحرار، التي تُعتبر أكبر عملية تبادل للأسرى بين المقاومة والاحتلال عام ٢٠١١، طلب الاحتلال من عمرو سليمان، رئيس المخابرات المصرية حينها، وكان وسيطاً، أن يتأكد بنفسه من أن جُنديّها “جلعاد شاليط” ما زال حيًّا! وبالفعل تواصل عمرو سليمان مع قيادة المقاومة في غزّة، وأخبرهم بشرط الاحتلال للمضيّ قُدُماً في الصفقة.
لم تُبدِ قيادة المقاومة أية تحفّظات على هذا الشرط، وبالفعل حضر عمرو سليمان إلى معبر رفح، وطُلب منه التخلي عن أي جوّال أو وسيلة اتصال، ثم أركبوه في سيارة، ثم في سيارة ثانية، ثم في ثالثة، وهكذا حتى تنقل في ٢٥ سيارة دون أن يدخل أي مكان في غزّة، وكانت السيارة رقم ٢٥ هي التي أعادته إلى معبر رفح!
اتصل بعدها عمرو سليمان بوسطاء الاحتلال، وأخبرهم أن “شاليط” بخير وصحة جيدة. بالطبع كان الاحتلال يُراقب المشهد كله من الجو، فقالوا له باستغراب: كيف عرفتَ أنه بخير وقد قضيتَ الوقت تنزل من سيارة وتصعد في سيارة؟! فقال لهم: “شاليط” كان في السيارة رقم ٧!. وتمت بعدها الصفقة، وخرج بموجبها ١٠٢٧ أسيراً فلسطينيا، من بينهم الرجل الذي يتحكّم بمصائر أسرى العدوّ الآن!. وهذا موقف واحد من مواقف دهاء المقاومة، وما خفي أعظم.. ودعونا مما خفي، وتعالوا نذهب إلى ما بدا؛ فالسابع من أكتوبر لم يكن مجرد معركة عابرة، لا في تاريخ كتائب القسّام ولا في تاريخ جيش الاحتلال.
بالنسبة لكتائب القسّام، هذا يوم من أيام الله، أبادوا فيه فرقة غزّة بكل كتائبها في غضون ساعتين، وأسروا منها العدد الأكبر في تاريخ حروب الاحتلال، في معركة سيكتبها التاريخ بأحرف من نور!. أما بالنسبة لجيش الاحتلال، فلم يتم إذلاله من قبل بهذه الطريقة، لا الجنود في مواقعهم عرفوا هذا البأس من قبل، ولا زملاؤهم في الجيش اعتادوا أن يروا جيشهم يُهان بهذه الطريقة! المقاومة لم تكشف مدى هشاشة جيش الاحتلال، الذي بدا ضعيفاً دون غطاء نيران الطيران الحربي، وإنما أحدثت شرخاً في روح هذا الجيش، وهذا هو انتصارها الأكبر في المعركة!
بعدما استوعب جيش الاحتلال شيئاً من الصدمة، أعمل آلة القتل في المدنيين، وقصف المدارس، والمساجد، والجامعات، والمستشفيات، والكنائس، في جولة إجراميّة ارتقى فيها ١٥ ألف شهيد!
في هذه الأثناء كانت المقاومة تُهين دبابات الاحتلال بقذائف الياسين ١٠٥، وتحرق عربات النمر المصفحة بالكورنيت، ويُلصق مجاهدوها عبوات العمل الفدائي وشواظ على أبواب الدبابات، ولولا أن المقاومة كانت تُوثّق هذه المشاهد للناس ما صدّقها أحد.. إنه شيء يشبه المعجزات! وكما ربحت المقاومة معركة الهجوم، ربحت كذلك معركة الدفاع! فسارع الاحتلال للقبول بالهدنة، والهدنة وقّعها الميدان، وفرضتها القذائف، وانتزعها مجاهدو الكتائب بأيديهم دون فضل لأحد إلا الله، وإلا فإن الاحتلال لا يسمع أصوات المناشدات والاستجداءات.. الصوت الوحيد الذي يسمعه هو صوت الرّصاص!
ثم جاءت عملية التبادل التي خاضت فيها كتائب القسّام معركة إعلامية مذهلة، كسبتها بجدارة، ونالت فيها احترام العالم في السلم، كما نالت احترامه وتقديره في الميدان!
ثم عاد العدوان، وسرعان ما سيتوقف بإذن الله، فلو كان الاحتلال قادراً على كسر المقاومة لما توقف للهدنة أساساً، ولكن نتنياهو يجرُّ معه الكيان كله في دفاع عن شخصه، ولتحسين شروط الصفقة الشاملة التي اشترطت فيها المقاومة رفع الحصار كاملاً! وهذا هو هدفها الأساسيُّ من هجومها المُظفّر! ساذج من يعتقد أن الهدف الأساسي للحرب كان تحرير الأسرى فقط، هذا أحد أهدافها الهامشية، لأن المقاومة بالأساس كان لديها من الأسرى قبل الحرب ما يسمح بإفراغ سجون الاحتلال من أسرانا!
قلتُ في أوج الحرب: مضى الوقت الذي كان بالإمكان أن تُكسر فيه المقاومة، وإنّها عصيّة ومنيعة، ولقد أثبتت الأيام هذا!
ربحت المقاومة كل شيء، الميدان والإعلام والرأي العام العالمي. وخسر الاحتلال كل شيء، وما رأيناه ما هو إلا “بروفة” مصغّرة ليوم التحرير الكبير، وإنّه لآتٍ !

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...