![حرب إسرائيل على أطفال فلسطين](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/07/israels-war-on-palestinian-children.jpg)
النوق.. وهدرة الفحل
![النوق.. وهدرة الفحل النوق.. وهدرة الفحل](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/06/النوق.jpg)
مقالات مشابهة
-
جريمة اسمها التعليم!
قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق...
-
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟
لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو...
-
آخر فصول بايدن.. ومعارك ترامب الأخيرة!
شكّلت التطورات الدرامية المتسارعة في الولايات...
-
الغاشم الباطش المُنبطح
أثناء احتفالية الدولة المصرية بذكرى ميلاد رسولنا...
-
حقيقة جوهر جورج صليبا
أحياناً تقفز بك عشوائية وفوضى اليوتيوب إلى مواد...
-
أخلاقيات جيش الصهاينة
مازال قادة الكيان الصهيوني يتحدثون عن أخلاقيات...
مقالات منوعة
النوق.. وهدرة الفحل
ما الشبه بين هذا البعير الهائج.. وأوطان تعيش مكتوفة الأيدي والآمال؟.. “كنت أحضر نفسي لمعركة لم تتمّ، وأنتظر نصراً لم يتحقق!”.
يحدّث نفسَه وهو يتأمل دورة الحياة الغريبة التي عاشها، بينما يعلق أكياس الملح في أطراف الشبك الحديدي المحيط بالذود.. تنفيذاً لنصيحة والده، كي يمنع إبله من أن تأكل وبرها بحثاً عن ملح تحتاج إليه أجسادها…
لم يكن يعرف هذا الأمر بتاتاً.. كما لا يعرف الكثير من الأسرار التي هي من بدهيات المعرفة لدى أيّ رجل بدوي، وقد تيقّن من ذلك عندما اضطر إلى صناعة “البَوّ” للسيطرة على نفسيّة الناقة بعد أن فقدت “حُوارها” كي لا تقطع لبنها عنه.. كما شعر بالرضا وهو يحذّر الراعي من أن يخطئ في وسم الإبل، ويشرح لنفسه تاريخ عائلته مع هذا الوسم.. ربما كي لا ينسى التفاصيل.
يرن هاتفه الذي يزيّن شاشته بصورة له مرتديا “بدلته” الرسمية، متوهجا برتبته العالية، يتذكر مناسبة هذه الصورة تماما.. قبل يوم واحد من انطلاق كتيبته إلى مناورة عسكرية ضخمة.
يومياً يقطع بسيارته طريقه من البيت إلى إبله على أطراف المدينة، حيث الأرض القاحلة التي لا توفر إلا هواء نقياً؛ فلا مرعى ولا ماء ولا كلأ.. يستغلّ وقت الذهاب والإياب في محادثة هاتفية مع ذوي الخبرة في الإبل للاستفادة من نصائحهم. رغم أنه من عائلة عريقة في اقتناء هذه النجائب، إذ لم ينقطع تملكها لها منذ عشرات السنين، فإنه لم يلتفت إليها إلا عندما أُحيل إلى التقاعد في السنة الماضية.
يتفقد “عطايا الله” -كما يسمّها والده-.. يقلّب نظره فيها، يتفحّص “العزبة” ومحتوياتها، ثم يجلس خارج الخيمة المنصوبة أمام الشبك.. ويطالعها متأملا كأنما يحفظ أجسامها وطبائعها.
يفكّر في السنوات التي قضاها في خدمة الجيش حتى وصل إلى رتبة عميد..
ما يقارب الثلاثين عاماً من الخدمة العسكرية عاش في بداياتها شقاء التجربة، وتعب المناورات والخضوع للأوامر.. حتى إذا ارتقت رتبته، أصبح آمراً ومسؤولاً عن مجموعة كبيرة من الأفراد والضباط الأدنى منه رتبة، يقفون أمامه وقفة الامتثال مع عبارة: “سيدي”.. يأمر فيتم تنفيذ طلباته على الفور.
سافر إلى دول العالم في مهمات رسمية، والتحق بدورات دولية، ونال شهادات تقدير عالية، كلها علّقها في مجلسه كي يراها الضيوف.. لكنها في نفسه فقدت الكثير من بريقها، ولم يعد لها في هاجسه أي رنين.
يُحزنه أنّ خبرته العسكرية الطويلة، ومعرفته الواسعة بالحروب والتخطيط العسكري، لم يعزّزها بمعرفة الإبل وأسرارها.. يُحزنه هذا الجهل أكثر عندما يتذكر أن كل الحروب التي انتصرت فيها أمّته، وفتحت فيها الفتوح، خاضتها وهي تركب الإبل.. ثم توقفت تلك الانتصارات منذ ترجلت عنها لتركب الدبابة والطائرة!!
أرخى يده عن الوسادة، ثم تمدد فوق الرمل وهو يسمع هدير “الجمل” المحجوز في شبك بعيد عن النوق.. يتطاير زبد هيجانه من بين مشفريه.
ولن يستطيع الفكاك من العقال الذي يقيّد رجليه.. ولن يتمكن من تجاوز الشبك الذي يحيط به!!
![علي-المسعودي](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/05/علي-المسعودي-150x150.jpg)
كاتب له مؤلفات في الشعر والنقد والقصة
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
حرب إسرائيل على أطفال فلسطين
"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...
جريمة اسمها التعليم!
قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟
لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...
0 تعليق