التحديات الوطنية العربية – متى يكون الصُّلح مُمكِنًا؟!
بقلم: أيمن العتوم
| 4 ديسمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
-
“سيد اللعبة”.. قصة هنري كيسنجر ودوره في الشرق الأوسط (1)
عندما كنت أحضّر حلقة وثائقية من برنامج مذكرات عن...
-
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001،...
-
أبناء الله وأحباؤه
يروى أن رجلاً كان لديه خاتم الحكمة، فقرر إذ مرض...
-
الظلم الغربي في دعم العدوان على غزّة
في القرآن الكريم، وردت الإشارة إلى العدوان سبعاً...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 4 ديسمبر, 2023
التحديات الوطنية العربية – متى يكون الصُّلح مُمكِنًا؟!
تستعرض هذه المقالة الجزء الأول من تحليل حول القوة والضعف في المواجهة مع العدو، مع التركيز على الضرورة الحاسمة للقوة والتحدي في التعامل مع التحديات.
تحليل القوة والضعف في المواجهة
الضّعفاء لا يُصالحون، الضّعفاء يستسلمون. وحده القويّ هو القادر على أنْ يُصالِح. ولا قُوّة إلا لاثنتَين: الرّصاصة والكلمة. ولا يُمكن أنْ تكون الرّصاصة صائبة ما لم تكن الكلمة واعية. فانظر حال أمّتنا اليوم، مَنْ منهم قادرٌ على أنْ يُصالِحَ عدوَّه أو يُسالِمه؟!
عشرون بلدًا أو تزيدُ، لغةٌ واحدة، دينٌ واحد، نبيٌّ واحدٌ، وربّ واحد. ومساحةٌ جغرافيّة كجناحي طائر يُمدّهما على القارّات، وغِنًى في البشر والشّجر والحجر والماء والتّراب… كلّ عوامل الوحدة والقوّة قائمة، والواقع؟! أكثر الأمم تشتُّتًا فرقةً وضعفًا.
لو عادتْ داحسُ والغبراء لخجلتْ مِمّا ترى، ولأشفقتْ تلكم الحربُ على حروبنا اليوم. نرفع الرّماح؟ نعم، ولكنّنا نطعنُ بها صدورَنا. نُشهِر السّيوف؟ نعم، ولكنّنا نضربُ بها وجوهنا. نلقي القنابل ونُطلق الصّواريخ؟ نعم، ولكنّنا نلقي القنابل على أحيائِنا، ونُطلق الصّواريخ على أنفسنا:
في كلّ قُطْرٍ لنا مَأْسَاةُ أنْدَلُسٍ .. كأنّنا قد ألفْنا البُؤسَ من أمدِ
إذا اتّفقْنا على حبلٍ ليجمعنا .. حبلٍ من البُغضِ والأهواءِ والمَسَدِ
مَتى نَرَى في بِلادِ العُربِ خافِقةً .. بِوَحْدةٍ تَحتَ ظِلِّ الوَاحِدِ الأحدِ؟!
إنّ الحروب الأهليّة الّتي مُنِيتَ بها الأمم الأخرى كانتْ لها عِبرة، وأمّا نحنُ فلا تتوقّف بسببها العَبرة. الحرب الأهليّة الأمريكيّة استمرّتْ خمسَ سنواتٍ، لكنّها توقّفتْ في النّهاية، وصنعتْ أمريكا لنفسِها مجدًا عظيمًا ونفوذًا بسطتْ فيه رداءَها على ثلاثة أرباع جغرافيّة هذا الكوكب.
الأمم الأوروبّية تقاتلتْ في حربَين عالمِيّتَين، وقُتِلَ فيهما عشرات الملايين من البشر، لكنّ الحرب توقّفتْ في النّهاية، واستطاعتْ ألمانيا المُنهِزمة أنْ تُعيدَ لوجهها البهاء، ولقوّتها الوجود، ومثل ذلك يُقال لبقيّة الدّول.
أمّا نحنُ العربَ، فحروبنا الّتي بدأتْ أيّام الجاهليّة فيما يُسمّى أيّام العربَ بدأتْ ولم تنتهِ إلى اليوم، رُبّما جاءَ الإسلام فأحنى قامَتها قليلاً، أو أنامَها زمنًا قصيرًا، فلّما ماتَ ثاني الخلفاء، أطلّتْ برأسِها من جديد، ثُمّ نهضتْ على قَدَمَيْها، ثُمّ شَمّرتْ عن ساقَيْها، ثُمّ ركضتْ في كلّ اتّجاه، وما زالتْ تركضُ برِجلها إلى اليوم، فما من بلدٍ عربيّ إلاّ ولوحة المأساة فيه معروضةٌ على جدرانه وإنْ اختلفَ حجمُها من بلدٍ إلى بلدٍ، وتفاوتتْ درجةُ ألوانها، وطغى سوادُها على بياضِها بين جارَين أو شقيقَين!
ثُمّ… تريدُ اليوم مع تشرذمك هذا، وتفرّقك في البلاد أيادَي سبأ – أنْ تُصالِح عدوّك؟ وأنْ تُسالِمَ مَنْ قتلَ أطفالَك وشَرّدَ نساءَك واغتصبَ بلادَكَ وهجّر شعبكَ؟! كيفَ يكون؟ على أيّ رأيٍ ينزل هذا الهُراء؟ وعلى أيّ جنبٍ يُمكن أنْ يروح، وفي أيّ منطقٍ يُمكن أنْ يستقرّ؟!
يقولون: ولكنّهم يملكون النّوويّ، وترسانةً من الأسلحة يُمكن أنْ تحرقَ بلادَنا مُجتِمعة؟! وإذًا؟! هذا أدعى ألاّ نُصالِحهم، إنّ صُلحًا كهذا يُمكن أنْ يُشبِه صُلحَ غزالٍ رقيقٍ مع قطيعٍ من الذّئاب القويّة المُستشرِسة؟ كيفَ يكونُ المآل؟! إنّ أنيابَ الذّئاب لتلتذّ بلحم الغزال وهي تلوكه، وإنّ لسانَها لَيَستمتِعُ بطعم دمائِه وهي تشربه. إنّ الغزال لو وقفَ مُحايِدًا ورفعَ الرّاية البيضاء، لكانتْ غريزة الذّئاب أسبقَ إلى التِهامه من الإعراضِ عنه، عِوَضَ احترامه وقبوله في مجتمعها الدّوليّ. ما لكمْ كيفَ تحكمون؟!
وإذًا ما العمل؟ توقِنُ أنّه عدوّ وإنّ كان يفوقُكَ عددًا وعُدّة. تنهضُ بنفسِك. تستعدُّ ليوم الصّراع، وهو قادِمٌ لا محالة، تكونُ لبنةً في ذلك البناء الّذي سيقوم على أركان العقيدة القِتاليّة. ولكنْ لا تُصالح على أيّة حال. إنّ النّصر وإنْ تأخّر فلا يقوم على أيدي الضّعفاء ولا على الّذين يحنون ظهورهم ليمتطيهم العدوّ دوابَّ سائِمة. وإنّه إنْ لم يكنِ اليوم فإنّه سيكون غدًا. وإنْ لم يكنْ غدًا فسيكونُ بعدَ غدٍ. فاخترْ إلى أيّ الفريقين تنحاز، إلى الفريق الّذي صَنَعه ومَهّدَ له ليتحقّق بعدَ حينِ وإنْ طال، أو الفريق الّذي هَدَمه وانحاز إلى قاتِله فقوّى شوكةَ عدوّه على أخيه. ثُمّ إنّه إنْ لم تكنْ لَبِنَةً في جداره، فلا تكنْ حجر عثرةٍ في طريقه.
صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في تاريخها السياسي والاجتماعي، تمثل في سقوطها بيد العسكرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الهجري، وجاء في إطار الصراع السياسي والعسكري المستمر بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الحمدانية العربية، التي كانت تسيطر على...
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض الانصياع للقانون الأدبي لتكون حرة طليقة لايحكمها شيء.. وتحكم هي بمزاجها ما حولها.. تأطيرها في قانون متفق عليه لتخرج من كونها حكما مزاجيا، وتدخل عالم التدرج الوظيفي الإبداعي الذي نستطيع أن نتعامل معه ونقبل منه الحكم على...
هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها؟
مع تزايد الدعوات في واشنطن لكي تتولى أوروبا مسؤولية دفاعها وأمنها، ترتجف بروكسل خوفًا من النتائج.. إن التحول في الكيفية التي ينظر بها كل من جانبي الأطلسي إلى موقف الآخر من شأنه أن يوفر الدفعة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي لكي يصبح حليفًا أقل اعتمادًا على الولايات...
0 تعليق