تزوير التاريخ!

بواسطة | مايو 27, 2023

بواسطة | مايو 27, 2023

تزوير التاريخ!

في بداية الغزو الأوروبي لإفريقيا، راجت تجارة العبيد!. كان السادة البيض يقبضون على الأفارقة الذين كانت لهم أوطان، وعائلات، وحياة، ويحملونهم على ظهور السفن، ويبيعونهم!.
ملك داهومي، آغاجا ترودو، حارب المستعمرين ببسالة، وكان يهاجم المستعمرات ويخلص الأسرى قبل بيعهم. ولكنه قُتِل نهاية المطاف. ومن المخزي، أنه في متحف القصر الملكي في عاصمة داهومي، لم يكن هناك ذِكر لأي أثر لذلك الملك البطل، آغاجا ترودو.. مُسِحَ من التاريخ!. فحتى بعد أن استتب الأمر للغزاة، وتوقفتْ تجارة العبيد، كانوا يستميتون لطمس كل لطخة عار قاموا بها!.
عجوز تبلغ من العمر أكثر من مئة عام، كانت تحتفظ بوثيقة شفهية في ذاكرتها، كانت تخبر الجميع أن أسوأ عدو للملك كانت زوجة أبيه، كانت طامعة بالعرش، وفاوضت الغزاة على أن تبيعهم بعض مواطنيها مقابل تسليمها العرش؛ ولكن، قبل أن يستتب لها الأمر اكتشف الملك مؤامرتها!. فما كان من الملك الذي حارب بيع العبيد ببسالة، إلا أن باع شخصا واحدا بثمن بخس.. زوجة أبيه!.
التاريخ دوما يكتبه المنتصرون، ويُوقِّع عليه المهزومون!. هذا إن بقي لهم أثر ليوقعوا!.

الأفارقة سرقت أوروبا ذهبهم، وباعتهم في أسواق الرقيق. كل هذه البلطجة تُسمى في تاريخهم: نقل الحضارة إلى الأفارقة المتخلفين!.

تاريخ أمريكا يمكن اختصاره بما يلي: أرض جغرافية واسعة، كان يسكنها الهنود الحمر منذ آلاف السنوات، ثم وصلت سفن الأوروبيين إلى هناك. كل مجرم وخارج عن القانون في أوروبا صار يُنفى إلى أمريكا، ثم شكَّل هؤلاء المنفيون نواة دولة، ولتصير هذه النواة دولة كان لا بد من إبادة السكان الأصليين؛ وهذا الذي حصل بالفعل!. ثم تمت بعد ذلك كتابة التاريخ: الآباء المؤسسون الأبطال انتصروا على الهمج والرعاع!.. هكذا بشخطة قلم يصبح صاحب الأرض همجيا متخلفا، ويصبح الغازي بطلا مُؤسِسا!.
محاكم التفتيش في إسبانيا وصمة عار على جبين الإنسانية كلها، ولطخة في تاريخها، ولكن أولئك القتلة لما فرغوا من ذبح المسلمين، غسلوا أيديهم، وامتشقوا أقلامهم، وحولوا مجازرهم إلى حرب تحرير!.
الأفارقة سرقت أوروبا ذهبهم، وباعتهم في أسواق الرقيق. كل هذه البلطجة تُسمى في تاريخهم: نقل الحضارة إلى الأفارقة المتخلفين!.
الفيتناميون كانوا فلاحين بسطاء، وعندما احتلت أمريكا بلادهم ألقوا المحاريث وحملوا البنادق، ودافعوا عن وطنهم، ولكن مئات أفلام هوليود صورتهم على أنهم إرهابيون!. هكذا ببساطة يصبح المحتل القادم من وراء المحيط فاتحا مُخلِّصا، ويصبح صاحب الدار إرهابيا!.
لو أعطيت الذئب قلما ليكتب التاريخ، فسيكتب أن الخراف كانت مجرمة، إذ كانت أحيانا تحاول أن تنطحه حين كان يحاول أكلها!. وأنها لطَّخت فروه الجميل بدمها، كانت بكل همجية تقاوم أسنانه حين تنغرس في لحمها!.
يقول الأفارقة في مثلهم الشعبي: إلى أن تتعلم الفريسة الكتابة ستبقى جميع القصص تمجِّد الصياد!.

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...