ستعلم يا غادر!

بواسطة | أغسطس 12, 2023

بواسطة | أغسطس 12, 2023

ستعلم يا غادر!

مما جاء في صحيح سنن ابن ماجة: عندما رجع مهاجرو الحبشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟
فقال بعضهم: بلى يا رسول الله، بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من رهابينهم، تحمل على رأسها قُلَّةَ ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها، فخرت على ركبتيها، فانكسرت قُلَّتها؛ فلما وقفت العجوز التفتت إليه، وقالت له: سوف تعلم يا غادر، إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا!.
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: صدقَتْ، صدقَتْ، كيف يُقدِّس الله أُمة لا يُؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟!.
الحمد لله على نعمة أن هناك يوم قيامة!.
هذا اليوم على ما فيه من أهوال، حيث تدنو الشمس من رؤوس العباد، وعلى ما فيه من مخاوف، حيث تشيب رؤوس الولدان حين يقول الله تعالى لآدم عليه السلام: أَخرِجْ بعث النار، من كل ألفٍ نفسٌ واحدة إلى الجنة والباقي إلى النار!. فإنه لولا هذا اليوم لكانت الحياة ضربا من العذاب؛ فلا شيء يهوِّن على المظلومين عبور الطريق غير إيمانهم أن هناك آخرة!.
ستعلم يا غادر!.
يا من أخذ حق غيره في الوظيفة بالواسطة، وجاء نافشا ريشه كالطاوس لأنه من طرف فلان.. ما زال للحكاية بقية!
يا من غصبَ إخوته وأخواته حقَّهم من الميراث، ويحسب أن الأمر انتهى هنا، اِستعدَّ فلن تُسدَل الستارة إلا حين تقف بين يدي جبار السماوات والأرض!
ويا من حطَّ من سمعة امرأة عفيفة فأسقطها من عيون الخلق، ما ربحتَ إلا معركة يتيمة، والحرب لن تضع أوزارها إلا في محكمة الآخرة!
ويا من ظلم زوجته، وأذاقها مُرَّ الحياة، ستعرف غدا أن من كان هنا لا يَرحمُ، فهناكَ لن يُرحم!
ويا من أفنى أعمار الناس بادِّعاء الحُبِّ، وتمثيل الهيام والشوق، ولا غاية له إلا أن يستمتع ويتسلَّى، ستعلم حين تُنصب الموازين أن قلوب الناس غالية عند خالقها!
ويا أيها المدير الذي عامل موظفيه كأنهم عبيد، فأذلَّهم في لقمة عيشهم، وعبث بكراماتهم، وأراق ماء وجوههم، سترى غدا أن الجزاء من جنس العمل!
ويا أيها القاضي الذي ارتشى، ويا أيها المهندس الذي غشَّ، ويا صاحب المستشفى الذي ترك الناس يموتون على أبوابها لأنهم لا يملكون ثمن العلاج، ويا صاحب العمارة الذي ألقى الناس في الشارع لأنهم تأخروا في الأُجرة، ويا من عقدَ سِحْرا فخرب حياة الناس، ويا من مشى بالنميمة فأفسد ود القلوب، ويا ظالمة كَنَّة، ويا فاجرة مع حماة، موعدنا جميعا يوم القيامة، وإلى تلك اللحظة تذكروا قول عجوز الحبشة: ستعلم يا غادر!.

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...