غيَّرتنا غزَّة.. غيَّرتنا كثيرًا!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 18 نوفمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ...
-
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق...
-
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر...
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 18 نوفمبر, 2023
غيَّرتنا غزَّة.. غيَّرتنا كثيرًا!
نحن مدينون لغزّة بهذا التغيير الذي أحدثته فينا! لم نعد نرى الأشياء كما كنّا نراها من قبل، هذه المعركة أزالت غشاوة عن أعيننا فبدا كل شيء ساحرا بلا زينة ولا بهرجة، قلّ ثمن الأشياء وارتفعت قيمتها، وتبيّن أن الأشياء الصغيرة في حياتنا هي أشياء كبيرة حقا وأن هذه الدنيا أتفه من أن يُجرى وراءها!
لن نغضب من أولادنا إذا جاءت علاماتهم المدرسية أقل مما نريد، سنُحبهم أكثر ونخبرهم أنهم رائعون وأنها ليست نهاية الدنيا، لا لأجلهم فقط بل لأجلنا نحن أيضا؛ فلن يكبر كل الصغار، ولن يتخرّج كل المتفوقين.. هناك أحداث مفاجئة، ولن تنفعنا بطاقة العلامات إذا مات أحدهم قبلنا، ولن نترك ذكرى حلوة عنّا في أذهانهم إن نحن متنا قبلهم! قليل من الحُب خير من كثير العلامات!
لن نخاصم الزوجات والأزواج بهذا العناد ويباسة الرأس، لن نُغلف حُبًّا بقشرة من القسوة سعيا لانتصار للكرامة، فمن يدري من يقف على جثمان الآخر مودعا؟! لن تفيد الدموع وقتها.. فإن كنتَ الميت أولًا فقد تركتَ وراءك جرحا، وإن ماتوا قبلك فقد فات أوان عقد الصلح، وستشيِّعهم إلى قبورهم مجروحين!
سنعيش حياتنا بحثا عن طمأنينة وستر لا بحثا عن تميُّز وانتصار.. سنحترم النِّعم بعد اليوم، فقد عرفنا أن الإنسان حين يكون في زحام من النِّعم ينسى أنها نِعم وتستحقُّ أن نشكر اللهَ عليها!. من كان منا يتوقع أن يرى الناس عطشى؟ من كان منا يتوقع أن يصبح العثور على رغيف فوزا عظيما؟!. شربة ماء ورغيف.. ما أبسط هذه الأشياء، وما أعظمها عند من فقدها! فاللهُمَّ لا تُعلِّمنا قيمة النِّعم بفقدانها.
لن نشكو بعد اليوم ضيق البيوت وصغرها، فما دام البيت ساترا وجامعا وواقفا على قدميه لم ينزل فوق رؤوسنا، ولم ينتشلونا من تحت ركامة أشلاء أو جرحى، فهو والله قصر منيف!. لن نشكو أثاثًا لم نغيّره منذ سنة، وستائر ليست على الموضة.. في الحياة أشياء أكثر قيمة يجب أن يلتفت المرء إليها!
لن نخاصم ونُشاحن قريبا أو صديقا أو جارا أو زميلا في العمل، صرنا نخجل أن يكون لنا معارك غير معركتهم، صرنا نستتفه أن نحرق أعصابنا في نزالات، لا الفائز فيها يستحق التتويج ولا الخاسر يستحق.. بسالة في غير موضعها ووجع في غير ساحته، وإنما يُعرف المرء بمعاركه.
لن نعصي الله تعالى بذات الجرأة التي كنا عليها من قبل.. كنا نحسب الموت بعيدا جدا، وأن معنا وقتا، وأن أوان الفرغرة شاسع، ولكننا عرفنا الآن أكثر من أي وقت مضى، أن الإنسان لا يدري متى تنسدل ستارة حياته على مشهد لم يكن يتوقع أنه الخاتمة، وأن قلّة من الناس سيهرمون حتى تُّغرغر أرواحهم في حناجرهم وقد بلغوا من العمر عتيًّا. إن للموت خطفات مباغتة، فاللهُمَّ إنا نعوذ بك من سوء الخاتمة!
مدينون نحن لغزة، مدينون كثيرا، لقد أحيانَا مشهد موتها!
لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
مع الهمجية ضد التمدن
يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...
0 تعليق