روى أبو نعيم في “حلية الأولياء”، وابن أبي الدنيا في “الورع”:
إن وهب بن منبه قال: جاء رجل من أفضل أهل زمانه إلى مدينة يفتن ملِكُها الناسَ على أكل لحم الخنزير. فأُعجِب الناس بعبادته، وأكبروه، وأعظموه، فلما تناهى خبره إلى الملك، أرسل في طلبه ليطعمه لحم الخنزير!
فقال له صاحب الشرطة، أعطني شاة أذبحها لك، فإذا دعا الملك بلحم الخنزير، جئتك باللحم الحلال، وأطعمتك إياه؛ ففعل هذا، وسيق إلى الملك، فدعا بلحم الخنزير ليطعمه أو يقتله إن رفض؛ فجاء صاحب الشرطة بلحم الشاة، وجعل يغمز للعابد، ويأمره أن يأكل، ويريه أنه لحم الشاة، وهو يرفض أن يأكل منه. فأمر الملك صاحب الشرطة أن يقتله!. فلما ذهب به، قال له: ما منعكَ أن تأكل وهو اللحم الذي أعطيتني إياه، أتحسب أني قد جئتك بغيره؟. فقال له: لا، قد علمت أنه هو، ولكني خفت أن يُفتن الناس بي، فإذا أراد الملكُ أن يطعم أحدهم لحم الخنزير، قال: قد أكله فلان. فقُتلَ رحمه الله صابرا محتسبا.
إن شأن الناس دوما أن ينظروا إلى أمرائهم، وفقهائهم، ومثقفيهم، وأهل النخب منهم، فإن رأوهم استحسنوا شيئا وفعلوه، فعلوا مثله، وإن رأوهم قد استقبحوا شيئا وتركوه، تركوه افتداء بهم.
وعندما وصلت كنوز كسرى إلى عمر بن الخطاب وقف أمامها متعجبا، وقال قولته الشهيرة: إن قوما أدوا هذا لأمناء!. فقال له علي بن أبي طالبٍ: يا أمير المؤمنين، رأوك عففتَ فعفُّوا، ولو رأوك رتعت لرتعوا.
لهذا، فإن على النخب في كل مجتمع، من حكام، وفقهاء، ومثقفين، ومشاهير، أن يعلموا أنهم محط نظر الناس، وأن أفعالهم لا تنسحب عليهم وحدهم، وإنما تنسحب على الناس الذين يرونهم، فغالب الناس إنما يتأثرون بما يرون، وليس كلهم صاحب فقه وفهم وكتب، إذا رأى الأمر بحث عن أصله وحكمه، وإلا لكان من هذه النخب ولم يكن من عوام الناس.
ولو ضيقنا الدائرة قليلا، من بُعْدها المجتمعي العام إلى بعدها البيتي الخاص، لكان بالإمكان القول إن سلوك الوالدين وأفعالهما هي التي تشكل منظومة القيم والمبادئ لدى الأولاد؛ فالأولاد لا يستمعون لما نقول بقدر ما يشاهدون ما نفعل!
إن مفهوم البنت عن الحجاب في ظل أم تحرص عليه، وتتحرى الستر، وتجتنب الاختلاط الذي لا داعي له، يختلف كثيرا عن مفهومه عند البنت التي لا تراعي أمها أدب الحجاب، أو لا تلبسه أصلا!. وإن مفهوم الابن عن الحلال والحرام في ظل أب تاجر أمين، يحرص أن لا يغش، ولا يخادع، ولا يحتكر، ولا يكذب، يختلف كثيرا عن مفهومه عند الابن الذي لا يراعي أبوه أي شيء مما سبق، بل ويحسب الغش، والخداع، والكذب، شطارة ومهارة!
ببساطة، أنت لن تكون ذا مصداقية إذا طلبت من ابنك أن يُحسن إلى أخته في البيت وأنتَ قاطع رحمك مع أُختك! وإن أفضل موعظة لابن كي يلزم صلاة الجماعة أن تصحبه معك إلى المسجد؛ وكل الخُطب عن النظافة ستبدو مجرد كلمات جوفاء وجثث هامدة لمفردات إذا ما كنت ترمي الأوساخ من نافذة سيارتك!.
أنتَ حين تعامل زوجتك بأدب واحترام وحب، فإنك ترسي في ابنك قواعد التعامل مع زوجته في المستقبل؛ وأنتِ حين تعاملين زوجكِ بالتقدير، والإجلال، والحُب، والأنوثة فإنكِ تقدمين لابنتكِ كُتيِّب تعليمات التعامل مع زوجها لاحقا!.

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

• نحن القانون!
• ماذا لو جاء الدجال؟!
• من الذي اختار الحرب؟!
• أكفرتَ بهذا العالم أم ليس بعد؟!