كروش وقروش!!

بواسطة | مايو 25, 2024

بواسطة | مايو 25, 2024

كروش وقروش!!

تقول العرب عن الرجل عظيم المال بأنه رجل أكرش.

والكرش: وعاء الطيب والثوب. والكرش أيضاً: الجماعة من الناس، ومنه قول نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم): “الأنصار كرشي وعيبتي” (البخاري ومسلم). ويقال للدلو منتفخة النواحي: كرشاء. والرجل الأكرش عظيم المال أو كبير البطن.

ولم يكن الكرش مضطهدا في الأزمنة السحيقة من مجد أمتنا التليد، فعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كان عظيم البطن، وهو في الوقت ذاته فحل مذّاءً لشدة فحولته، فارسٌ مغوارٌ يطيح برؤوس الجبابرة في المعارك.

وفي جانب من تراثنا العربي يُستدلّ بالكرش على مكانة الرجل في قبيلته، خاصة إذا رَكز (الجنبيّة) في جانب من بطنه.. حتى تكتمل المهابة. وهو عند النساء مادة للتغزل وفرط الأنوثة، إذ قال الشاعر العربي (الذوّيق):

‎والبطن ذو عُكنٍ لطيف طيّه   والـنحر تنـفجه بثـديٍ مقـعـدِ

‎العكن: ما انطوى وتثنّى من لحم البطن سمناً، النفج: الفخر والكبرياء.

وإذا مدح العرب امرأة في حسن تبعّلها لزوجها قالوا: تزوجها فنثرت له كرشها (أي أكثرت له من الولد).

وقالوا في الأمثال: “الرجل بلا كرش كالملك بلا عرش”، وأوصوا الفتيات المقبلات على الزواج: “قبل ما تسألي عن قرشه، اسألي عن كرشه”؛ فنكشف بذلك بخل من كان عنده (قرش بلا كرش)، ليوصف بأنه (جِلدة) فما فائدة القروش إن لم تخدم الكروش؟! وسمعت شاباً عربياً لطيفاً يقول: “لما تشبع الكرش، تقول للراس غنّي”.

كما أن الكرش من الدلائل الدامغة على إخلاص المواطن في عمله، لأنه يمضى ساعات عمره يعمل على مكتبه حتى يتدلّى كرشه، فيكون بذلك مواطناً صالحاً يهتم بالكروش، ولا علاقة له بالعروش.

وقد عرف الشعب العربي الأبيّ قيمة الكرش في الحياة، فهو رغم مجاعاته وحروبه وفقره وانتشار الأميّة فيه، ما زال بحمد الله يتصدّر (ترند) الكروش في العالم، فهناك 15 دولة عربية من ضمن (أتخن) ناس في العالم؛ فنسبة البدانة في مصر – مثلاً- تعادل  32% من السكان، وهي النسبة نفسها في الإمارات العربية المتّحدة.. وهذا يدلّ دلالة قاطعة على أن الشعب العربي في الدولتين – رغم اختلاف أحواله ومصادر دخله- متوحّد ومتّفق بحمد الله على (التنمية الذاتية)، وهكذا في سائر (بلاد العرب أوطاني).

وقد قال الظريف المصري النحيف لزميله: “اعلم يا ابني أن الشخص التخين هو في الأصل شخص رفيع، ولكنه يمشى ويحمل فوق ظهره صفيحتين من السمنة البلدي”.

ويقال لمن قرأ هذا المقال فسَرّه وظهرت على ملامحه السعادة: (أضاء وجهه)، ولمن انقبضت ملامحه: (تكرّش وجهه).

وقد كتبت ما كتبت وأنا أسترجع التاريخ العربي، منذ فارس الجزيرة

1 تعليق

  1. أم عبدالوهاب

    وصف سيدنا علي بالمذاء بقوله ” فحلا مذاء” هو تجاوز غير مسبوق على سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه
    استحى سيدنا علي من رسول الله صلى الله عليه وسلم من علة فيه تسبب اغتساله الدائم وارسل من حيائه شخصا آخر مستفتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ليكون سؤاله بعد ذلك رحمة لعلة يعتبرها الأطباء مرضا في عصرنا ..
    ولكن الكاتب ربطها بالفحولة ليتجرأ بذلك على سيدنا علي بربطه بصورة ذهنية جنسية لا يتجرأ هو نفسه ان يمتدح بها أخدهم علنا بها بل لا يتجرأ على ان يقولها علنا
    وأنا اطلب منكم تعديل المقال وصون مقام سيدي علي سلام الله عليه وعلى ال بيت رسول الله الكرام عن هذه الوقاحة الغير مسبوقة
    ولو رددتم بادعائكم وقصور فهمي فأدعوكم وكاتبكم بامتداح أحد المتنفذين من حولكم علنا بهذه الصفة .. وانا متاكده انكم لن تجرأوا على ذلك

    في ضوء ذلك، يجب على المحررين والكتاب أن يتحلوا بالمسؤولية الأخلاقية وأن يُظهروا أقصى درجات الحذر والدقة عند تناول مثل هذه المواضيع الحساسة، لضمان ألا يتم تجاوز الحدود الأخلاقية أو الدينية المتفق عليها ولحماية التراث الإسلامي واحترامه كما ينبغي

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...