كل عام وغزة تعيد ترتيب العالم!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 30 ديسمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 30 ديسمبر, 2023
كل عام وغزة تعيد ترتيب العالم!
تنتقل هذه المقالة إلى عالم يعيش فيه أهل غزة، حيث تحاكي الصراعات والتحديات التي يواجهونها يومياً. يسلط الضوء على الانقسام في المعايير العالمية ويسلط الضوء على القهر الذي يعيشونه في ظل الاحتلال والصمت العالمي المثير للجدل.
مأساة غزة: بين الصمت والعهر
غزة أرض الشهداء .. بين العزة والكرامة
غدا يلفظ العام أنفاسه الأخيرة، كان عاما مليئا بالعزة، وكانت الطريق من غزة إلى الجنة مليئة بالشهداء!
تربعت غزة على كرسي أحداث العالم، هذه البقعة الجغرافية التي لا تبلغ على الخارطة أكبر من رأس دبوس، ثنى العالم كله ركبتيه أمامها وجلس كالتلميذ يتعلم منها دروس التضحية والشهادة والشجاعة والإباء!
أعادت غزة صياغة الكثير من المفاهيم، أخبرتنا أن سر الثبات والنصر ليس في البندقية وإنما في اليد التي تحملها، وأن حفنة من المقاتلين الذين لا يتجاوز عددهم أصغر لواء في أصغر جيش نظامي في هذا العالم بإمكانهم أن يمرغوا أنف أعتى ترسانة عسكرية في المنطقة بتراب غزة! وأن الناس هناك لا يشبهون الناس، عقائدهم، صبرهم، ثباتهم، كل شيء هناك لا ينتمي إلى هذا الكوكب القبيح الذي نعيش فيه!
الصمت العالمي وازدواجية المعايير
وعرت غزة هذا العالم الذي يدعي الحضارة والتمدن، فكشفت لنا ازدواجية المعايير، وأخبرتنا أن الناس في هذا العالم ينقسمون إلى قسمين: أولاد جارية وأولاد ست! وأننا نحن أولاد الجارية الذين يمكن أن يقتلوا بدم بارد ولا بواكي لهم!
يمكن أن يقصف الاحتلال المستشفى المعمداني ويحيل في ثانية واحدة خمسمئة إنسان إلى خمسين ألف قطعة! دون أن يهتز ضمير البشرية، ولو قتل خمس فقمات في القطب الشمالي لذرفوا عليهن دموع التماسيح، وظهرت إنسانيتهم الباردة!
يمكن للاحتلال أن يسوي مساجد غزة وكنائسها بالأرض ولا يجرؤ أحد أن يتلفظ بكلمة نقد، اللهم ما كان من استحياء العاجز، الذي نقده لا يقدم ولا يؤخر! ولو خدش باب كنيس يهودي في أي مكان في العالم لجاء مجلس الأمن صفا، ومعه الإنتربول قبيلا، خوفا من أن يسجل تقاعسهم هذا على أنه معاداة للسامية!
التضحية والصمود في وجه المجرم
يمكن للاحتلال أن يفتت أجساد نساء غزة، وتستمر الحياة في هذا العالم كأن شيئا لم يكن! هذا العالم لا تعنيه نساؤنا إلا إذا كانت قضيتهن خلع الحجاب، أما اللواتي ينمن بثياب الصلاة خوفا من أن يبدو من عوراتهن شيء إذا ما تم انتشالهن من تحت الأنقاض فلا يحفل العالم بهن، ولا تتبنى النسويات قضاياهن!
يمكن للاحتلال أن يقتل أكثر من مئة صحفي في غزة ثم لا يكون هناك شيء! مئة صحفي في غزة لا يساوون صحفيا واحدا في صحيفة “تشارل إبدو”، أولئك شقر وعيونهم زرق ويحضر كل قادة العالم لتشيعهم!
يمكن للاحتلال أن يحيل عشرة آلاف طفل في غزة إلى جثث هامدة وهو يقصفهم بالفسفور الأبيض، ثم يقيم هذا العالم قمة للمناخ في محاولة لتدارك مشكلة ثقب طبقة الأوزون، والانبعاث الحراري، وذوبان الجليد، والخطر المحدق ببيض السلاحف! ويشارك في القمة رئيس دولة الاحتلال، ويقف خطيبا في قادة العالم، ويخبرهم أنه عليهم أن يعملوا بجد للحد من تفاقم مشكلات المناخ!
الشيء الوحيد الذي يجب أن نقلق بشأن تفاقمه برأيي هو العهر، هذا العالم عاهر بشكل تخجل أكبر مومس في التاريخ أن تكون مثله!
يمكن للاحتلال أن يقصف المدارس ولا تتحرك اليونيسكو، ويقتل موظفي الأمم المتحدة دون أن تكترث الأمم المتحدة، فهؤلاء الذين ماتوا عرب، الأجانب اتخذوا لهم مكانا قصيا في رفح، وإذا سلموا فقد سلمت الأمم المتحدة!
يوم واحد يفصلنا عن نهاية العام، غدا سيطلق الناس الألعاب النارية في شتى بقاع الأرض، أما غزة فستدخل إلى العام الجديد بكفنها الذي ترتديه منذ تسعين يوما، لن يعرف الأطفال في غزة أن العام الجديد قد دخل، صوت الصواريخ قبل الثانية عشرة ليلا لن يختلف عما بعدها!
وحين يحتفل الناس بأول قبلة سنكون نحن بانتظار أول قنبلة، ولنزف أول شهيد، غزة لا تشبه هذا العالم في شيء، غزة طاهرة ونقية وهذا العالم عاهر!
لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق