
مبارزة!..
بقلم: أدهم شرقاوي
| 3 يونيو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 3 يونيو, 2023
مبارزة!..
في العام 1540 في اليابان، على متن قارب يعج بالناس، وقف محارب ساموراي شاب يسرد ببجاحة أخبار انتصاراته على الركاب الذين كانوا يستمعون إليه محاولين إخفاء مللهم منه بدافع الخوف! وفي آخر القارب كان ثَمَّ عجوز يجلس بهدوء متجاهلا هذا الشاب المغرور، وكان هذا العجوز هو “توشكاهارا بوكودن” أعظم مقاتل بالسيف في زمانه، وكان يفضل أن يسافر متخفيا!
اغتاظ المحارب الشاب من تجاهل العجوز له، فقال له بشيء من الاستعلاء: من المؤكد أيها العجوز أنك لا تجيد استخدام السيف، وأن مجرد الحديث عنه يخيفك.
فقال له العجوز: أجيد استخدام السيف أكثر مما تظن!
فقال له الشاب: هيا إذن، قاتلني.
فقال له: ليس هنا.. في مركب مكتظ سيتأذى الناس، ربما عند أول جزيرة مهجورة نصل إليها.
أشهر الشاب سيفه منتظرا بشغف أول جزيرة، وعندما وصلوا إليها قفز من القارب وصرخ بالعجوز: هيا!
الكثير من المشكلات يحتاج إلى عقل لا إلى عضلات، فالحكمة تبلغ ما تعجز عنه القوة! والعاصفة تستطيعُ أن تدمر سفينة، لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة في حبل!
توجه العجوز بهدوء نحو مجذافي القارب، ودفعهما بقوة، تاركا الشاب وحده على الجزيرة؛ وشيئا فشيئا كان القارب يبتعد، وشتائم الشاب بالكاد تُسمع!
عندها قال العجوز لقائد المركب: خذ مجذافيك، وهذه هي طريقتي في المبارزة أحيانا.. أن لا أُبارز!
الأحمق القوي من السهل هزيمته، لأن محركه الأول هو الغضب، بعكس الحكيم الأقل قوة، لأن محركه الأول هو العقل! ومن كثُرَ غضبه كثرت سقطاته، ويوما ما ستكون إحداها مميتة!
الكثير من المشكلات يحتاج إلى عقل لا إلى عضلات، فالحكمة تبلغ ما تعجز عنه القوة! والعاصفة تستطيعُ أن تدمر سفينة، لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة في حبل!
العقلاء لا يخوضون كل مبارزة يُدعَون إليها، ولا يُجَرون إلى كل جدال يتزين أمامهم، هذا لأن بعض النصر تافه وإن تحقق، ولأن بعض المعارك الفوز فيها لا يكون إلا بعدم خوضها! وإن اضطررتَ إلى النزال، فليكن بالسلاح الذي يخشاه عدوك لا بالسلاح الذي تخشاه أنت، وبالتوقيت الذي تختاره أنت لا بالتوقيت الذي يختاره عدوك! بعض الصبر يبدو ضعفا، ومقتل الأقوياء أن تجعلهم يستهينون بقوتك حتى تحين اللحظة!
على سبيل المثال لا الحصر، في كل مرة يقصف فيها الاحتلال قطاع غزة، يطالب الجميع المقاومة بالرد. والناس في هذا فئتان، مُحِبٌّ واثق، يعرف أنه في العشرين سنة الأخيرة لم يجرؤ أحد أن يرميَ دولة الاحتلال بوردة، في حين كانت المقاومة تقصف عاصمته المزعومة على الهواء مباشرة! والآخر خبيث مبغض، ليس له في العير ولا في النفير، شاكٍ باكٍ، سلم منه الاحتلال ولم يسلم منه إخوانه، والسبب أن الأبطال يُذكِّرون الأقزام بقصر قاماتهم؛ وهذا تراه حتى حين ترد المقاومة يُحمِّلها دماء الشهداء الذين يقتلهم الاحتلال! فلا إن ردت المقاومة سلمتْ منه، ولا إن تريثتْ لحسابات تحسبها، وتقديرات تُقدرها سلمت منه!
الاحتلال خبيث وليس أحمقا! إنها ببساطة إستراتيجية إفراغ ترسانة المقاومة، فهو يريدها أن تبدأ من الصفر بعد كل جولة
عموماً، إذا وثقتَ فلا شأن لك بالتفاصيل، دع الأمر لأهله، وأعط القوس باريها.. عاطفتكَ محمودة، وثقتكَ في موضعها!
وإن خوَّنتَ فرُدَّ أنتَ، سُدَّ مسدَّهُم، وعلِّمهم كيف يجب أن تكون الحرب! ولكن، إن كنت عاجزا، همُّكَ من دنياك شهوة بطنك وفرجك، وتريد أن تُعيِّنَ نفسكَ قائدا لهيئة الأركان؛ وعندك جعجعة ولا طحين، نقيق ضفادع في مستنقع، فمن المستحسن أن تخرس!
ثم للطرفين، للواثق والمُخوِّن، هلا سألتم أنفسكم: لمَ يريد الاحتلال من المقاومة أن ترُدَّ رغم أنه في غنىً عن فتح ملاجئه، وتعطيل الحياة كلها في دولته؟ لِمَ يعمدُ كل سنة، على أبعد تقدير، لفتح معركة يعرف يقينا أنه لا يستطيع كسر المقاومة فيها؟!
الاحتلال خبيث وليس أحمقا! إنها ببساطة إستراتيجية إفراغ ترسانة المقاومة، فهو يريدها أن تبدأ من الصفر بعد كل جولة، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يضمن وجوده.. حروب متكررة يُصاب فيها بخدوش يسهل علاجها، والتعافي منها!
هذا شيء تعرفه المقاومة جيدا، وتتعامل معه باحترافية، فاستراتجية الاحتلال لإفراغ القوة، تُجابَه بمراكمة هذه القوة حتى تحين لحظة المعركة الحاسمة، التي تكسر العظم ولا تخمش الوجه فحسب! لهذا، هي عندما تتجنب الحرب تتجنبها لأسباب كثيرة، ليس الجبن من بينها؛ وحين ترد، فإنها ترد بالمقدار الذي يلزم لتكون جولة لا تؤثر على مسار الإعداد للمعركة الفاصلة التي ستأتي لا محالة!
السر كله يكمن في التوقيت، ولا شيء أسهل من إشهار السيف، فهذا يمكن لأي كان أن يفعله، ولكن قرار إغماده لن يكون بيدكَ.. وإن حربا لا تملك أن تذهبَ فيها إلى آخرها، ليس هذا وقتها!

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق