محاكم التفتيش الحديثة!

بقلم: أدهم شرقاوي

| 24 فبراير, 2024

بقلم: أدهم شرقاوي

| 24 فبراير, 2024

محاكم التفتيش الحديثة!

تعكس تصرفات وسياسات الغرب تناقضات حول حرية التعبير، حيث تحذف منشورات تكشف جرائم الاحتلال بينما ترى الرسوم المسيئة مقبولة. الاحتجاجات الرياضية والقضايا الفنية تُكشف عن محاكم التفتيش والتعسف في التعبير.

تناقضات حرية التعبير في الغرب – بين التفاعل مع جرائم الاحتلال وقيود الرأي

ضمن تصفيات أوروبا لكرة السلة للسيدات التي تُقام في دولة لاتفيا، جرت الأسبوع الماضي مباراة بين منتخب إيرلندا ومنتخب دولة الاحتلال، وخلال عزف النشيد الوطني الإيرلندي، وقفت سيدات إيرلندا على مقاعد البدلاء وليس في وسط الملعب كما هي العادة، وقد رفضنَ مصافحة لاعبات منتخب دولة الاحتلال، احتجاجاً منهنَّ على الحرب على غزَّة.. لاحقاً، قام فيسبوك بحذف صفحة المنتخب الإيرلندي للسيدات من على موقعه!

هذا العالم مجنون بشكل رسمي، ومتناقض بشكل عجيب!. أن تحذف مواقع التواصل المحتوى الذي يفضح جرائم الاحتلال انحيازٌ حقير، ولكن يمكن فهمه؛ أما أن تُحذف صفحة منتخب بسبب قضية جرت في ملعب كرة سلّة، ولم تُنشر أحداثها على الموقع، فهذه هي محاكم التفتيش بوجهها الحديث!

ولكَ أن تتخيل أن هذا الغرب الذي صنع لنا إلهاً اسمه حرية التعبير، وأرادنا أن نعبده بلا ضوابط، قد تم فيه فصل مذيعة من عملها لأنها ضغطت على زر الإعجاب على منشور يقول: أوقفوا قتل أطفال غزَّة!

يمكنكَ في أوروبا أن تُحرقَ المصحف الشريف تحت حماية الشرطة لأن هذا واقع تحت حرية التعبير، بينما حرق علم المثليين سيودي بكَ إلى السجن! فقانونهم ببساطة هو: أنتَ حرٌّ في التعبير عما أؤمن به أنا!

في ولايته الأولى، دافع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” عن الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال يومها: إنَّ هذا يندرج تحت حرية التعبير، وهذا الشيء مقدس في فرنسا، ولا يمكن لأحدٍ المساس به!

بعد سنتين من هذه الحادثة، رسم الفنان الفرنسي “ميشال أنج” لوحة “كريكاتيرية” شبَّه فيها ماكرون بهتلر، فجُنَّ جنون ماكرون ورفع دعوى قضائية على الرسام.. الرسوم المسيئة كانت تسيء للآخرين، ولهذا هي مسموحة، أما رسمي أنا فيسيء إليَّ!

‏حان الآن موعد أكل الإله المصنوع من التمر!

في الغرب يُمكنك أن تُشكك بوجود الله، أو أن تُنكر وجوده أصلاً، فلا أحد يستطيع أن يقربكَ، حتى البابا في الفاتيكان! ولكن جرّب أن تُشكك بأرقام ضحايا المحرقة دون أن تنكرها، جرّب فقط وستجد تهمة معاداة الساميّة بانتظارك!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

1 تعليق

  1. رحيق شهاب الدين

    ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ صدقَ اللهُ العظيمُ

    إنها غزة العزَّة الكاشفة الفاضحة! أكاذيب هذا العالم المنافق باتَت تسقط الواحدة تِلو الأخرى، وكلُّ مَن تغنَّى بأن الحريات والديمقراطية عند الغرب عليه أن يتعلَّم الدرس ويستوعب أنه لا يوجد سوى النفاق القبيح والازدواجية المقزِّزة والعداوة للإسلام والمسلمين…
    لقد أثبتت هذه البقعة الصغيرة الطاهرة من الدنيا للعالم أجمع أنَّ لا حريَّة إلا في غزة العزَّة.

    عاشت غزة حرَّةً عزيزةً أبية.

    بارك الله فيك وأنار دربك أستاذي القدير.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!

انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!

في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما هاجم المغول مدينة "بخارى" بقيادة "جنكيز خان"، عجزوا عن اقتحامها.. فكتب "جنكيز خان" لأهل "بخارى" يقول: ﻣﻦ وقف ﻓﻲ صفنا ﻓﻬﻮ ﺁﻣﻦ! فانقسم أهل المدينة ﺇﻟﻰ صفين ﺍﺛﻨﻴﻦ: ﺍلصف ﺍﻷﻭل رفض، وأصر على القتال دفاعا عن الدماء، وذودا عن...

قراءة المزيد
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول  (4)

يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول  (4)

نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر مبيعًا قراء الروايات هم النساء يحكي ماريو بارجاس يوسا، الروائي الحاصل على جائزة نوبل، في مقالة له بعنوان لماذا نقرأ الأدب؟ بترجمة راضي النماصي، عن موقف يتكرر معه دائمًا، إذ يأتيه شخص حينما يكون في معرض كتاب أو مكتبة، ويسأله...

قراءة المزيد
الهجوم الإسرائيلي ضد حزب الله يتسع

الهجوم الإسرائيلي ضد حزب الله يتسع

آلاف الجنود يتقدمون والحديث عن حرب طويلة عندما دخل جنود من الفرقة 98 الإسرائيلية إلى لبنان في أول غزو للبلاد، منذ ما يقرب من عقدين، وصف المسؤولون الإسرائيليون العملية بأنها «محدودة، محلية ومستهدِفة». لكن خلال الأسبوع الماضي، توسع نطاق الهجوم البري الإسرائيلي ضد حزب...

قراءة المزيد
Loading...