
موازين القوى في الحرب
بقلم: أيمن العتوم
| 13 نوفمبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 13 نوفمبر, 2023
موازين القوى في الحرب
الإيمان أقوى من الدبابات، العقيدة أَدْوم من الأرتال، حُبّ الموت في سبيل الله أقوى من الصواريخ، الإرادة تصنع المعجزات.. نحن نقاتل من أجل أن نحيا. لم تكن غزّة بِدْعًا من التاريخ، وإن كانت غُرّته اليوم، نقطةَ الضوء في نهاية النفق، وبصيصَ الأمل في ظلمات اليأس.
{كم من فئةٍ قليلةٍ غلبتْ فئةً كثيرةً بإذن الله} [سورة البقرة:249].. فعل ذلك جنود (إسبارطة) في القرن الخامس قبل الميلاد، استطاعوا بـ (300) مقاتل أن يقاتلوا ما يزيد عن مئة ألف مقاتل، وانسحبوا انسحابا تكتيكيا لم يؤثر على انتصارهم.
في تاريخنا الإسلامي الأمثلة كثيرة، ففي بدر استطاع المسلمون بـ (300) مقاتل أن ينتصروا على ألف من المشركين، وعندما لم يكن لدى المسلمين يومئذ غير فرسين، مقابل مئتي فرس عند المشركين، تمكنوا من هزيمتهم، مع أن الخَيّالة عند أعدائهم تساوي مئة ضعف. وفي مؤتة، قاد خالد بن الوليد رضي الله عنه الانسحاب التكتيكي الذي لم يمنعه – في العرف العسكري – من الانتصار بثلاثة آلاف مقاتل أمام مئتي ألف، قيل إن مئة ألف منهم كانوا من العرب، ومئة ألف كانوا من الروم؛ والحصيلة اهتزاز الإمبراطورية الرومانية، والنبي صلى الله عليه وسلم حَيّ.
ولمّا وقف خالد في اليرموك واستشرف الجيشين، وكان عدد جيش الروم يقترب من ربع مليون، نصفهم من أولاد عمومته العرب، وعدد جيش المسلمين أقل من أربعين ألفا، قال رجل من جيش المسلمين رأى البطارقة والزرازرة والقادة والمغافر والترائك والأسنّة واللُّثُم، وقد أفزعه الهول: ما أكثر الروم وما أقل المسلمين! فنهره خالد قائلا: “اصمت، وقل: ما أقل الروم وأَكثر المسلمين”.. إنما يَقِلّون بالباطل ونكثر بالحقّ. وحين سأله أحد قادة الروم: “ما الذي أخرجكم أيها الأعراب من دياركم؟”؛ كان جوابه: “نحن قوم نشرب الدم، وسمعنا أن أحسن الدماء وألَذَّها دماء الروم، فجئنا اليوم نشرب دماءكم”.
إذًا هو الإيمان الذي يقاتل بالدرجة الأولى، والإعداد في المقام الثاني.. لكن الكثرة لا تقاتل، ولا البوارج ولا القاذفات ولا الراجمات؛ ورُوِي أن عمر المختار قال له أحد مقاتليه: “إن إيطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها”، فسأله: “أَتُحلِّق فوق العرش أم تحته؟”؛ فردّ: “بل تحته”، فقال له: “مَن فوق العرش معنا فلا يخيفنا ما تحته”. ولو أنت أعطيت الاعتبار لموازين القوى المادية، لحذفتَ من قائمة الانتصار تسعة أعشار المعارك التي كانت الغلبة فيها للمسلمين على أعدائهم؛ ستجد في تلك القائمة بدرا ومؤتة واليرموك والقادسية وعين جالوت وحطين و…، والقائمة تطول.
واليوم غزّة نموذج لهذه العقيدة القتالية؛ فإن أكثر جيوش الأنظمة العربية تتكدس عندها الأسلحة في مخازنها، وتصدأ لديها آلياتها المجنزرة دون أن تطلق رصاصة واحدة باتجاه العدو؛ والغريب الطريف، أو المُضحك المبكي، أنها تشتري أسلحتها من أعدائها! فمَن ستحارب بها؟ هل يمكن أن تحارب صانع أسلحتها؟ هل يمكن لصانع السلاح أن يعطيها ما تتفوّق به عليه؟!
تذكّرتُ في هذا السياق (كلوب باشا) الضابط الإنجليزي الذي قاد العرب في حرب عام 1948م، لتحرير فلسطين من الصهاينة الذين أُعطوا وعدَ بلفور من الإنجليز أنفسهم!! بل إن (عبد الله التلّ) يُورد في مذكّراته أن الجيوش العربية دخلت حرب الـ (48) بخمسة وخمسين قائدا، ليس فيهم إلا خمسة قادة عرب!!
وإذًا فلِمَن تُوجّه رؤوس هذه الصواريخ الشوامخ الكوامخ؟ أعلَيْنا نحن؟ أعلى أبنائنا وأهلنا؟ إن لم تُنفّذ طلعة واحدة ولو كانت وهمية باتجاه العدوّ، فلِمَن تُدّخر إذًا؟! يقول كل نظام عربي: “إننا نشتري هذه الأسلحة بهذه المليارت من أجل قوة الردع والحماية”.. ردع لِمَن؟ وحماية لِمَن؟ إننا لم نرَكم تردعوا عدوًّا ولا تحموا صديقا؛ فهل كان كل جيش خائفا من صديقه أو جاره، فتسلّح له واستعدّ من أجله؟! وصدق عمران بن حِطّان حين قال:
أسدٌ عليَّ وفي الـحروب نعامةٌ .. فَتْخاءَ تجفُل من صفير الصافر
إنهم هناك إذًا.. في غزّة، في هذا القطاع الذي هو عُشر دولة في مساحته، ولكنه يفوق دُول العالم مجتمعةً في كرامته وشجاعته وبسالته. إن هذه الدروس التي يعطيها رجال المقاومة في غزّة على أرض الواقع، لَهِي أسانيد كرامة ومروءة وفخار، يجب أن تُدرَّس لهذا الجيل وللأجيال القادمة.
هل ينتصر لابس (الشبشب) على مُنتعلي البساطير؟ هل ينتصر حامل القذيفة على قائدي الدبابات والمدافع؟ هل ينتصر الآلاف العشرة على الملايين التي احتشدتْ من كل صقع وبقعة من أجل أن تسحقهم؟ نعم، التّاريخ قال ذلك أكثر من مرّة.. اقرؤوه، وتدبّروا سُنَنه، وستعرفون.

صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق