هل اللغة العربية صعبة؟
بقلم: أيمن العتوم
| 11 سبتمبر, 2023
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 11 سبتمبر, 2023
هل اللغة العربية صعبة؟
ليست صعبة ولكنها عزيزة، ليست سهلة ولكنها قريبة.. ربما هذا أحسن ما يمكن أن أصف به العربية، لغة تنفرد بميزات ليست لأي لغة في العالم ولن تكون؛ تقف اللغات في سهل فسيح ممتد، كل لغة تأخذ لها ناحية في ذلك السهل، ووحدها العربية تتربع على القمة مشرفة على ذلك السهل مهيمنة عليه، تبتسم وهي ترى الينابيع التي تتفجر من بين أصابعها مادّةً ذلك السهل بالماء والحياة.
ما الصعوبة في العربية؟ المخارج؟ وليكن، إنما المخارج صورة ما صوّتتْ به، فلو كان المخرج محقَّقا لكان الحرف محقَّقا، ولو كان غير ذلك لكان رِخوا مائعا لا يصف نفسه ولا يُعبّر عنها؛ فلما كانت مخارج العربية دقيقة إلى هذا الحد، كانت العربية لغة الإبانة، ولغة الفصاحة، فما يحتاج معها من حقَّق حروفها إلى أن يُعيد اللفظ على سامعه. ثم إن أي لغة أخرى غير العربية تتصف من جهة المخارج بأحد أمرين: إما أنها تغمط المخرج حقه أو تأكل بعضَه، فيشكُلُ عليك فهمُه أول سماعه وخاصة إذا لم تكن من أهله، وإما أنها لا تستخدم من المخارج إلا نصفها أو أقل من ذلك؛ وعليه فإن أي عربي يتقن العربية قادر على أن يتقن أي لغة أخرى؛ لأن مخارجه تُغطّي الأصوات كلها، والعكس ليس صحيحا؛ ففي الإنكليزية لا يمكن للمتحدث بها أن ينطق حرف الحاء نطقا صحيحا لأن مخرجه عنده ميّت!.
ما الصعب في العربية؟ عدد مفرداتها؟ وليكن، كلمات العربية تتجاوز اثني عشر مليون كلمة، متقدمة بذلك على لغات العالم كلها في عدد هذه المفردات، ويليها الإنجليزية التي يُقدَّر عدد كلماتها بستمئة ألف كلمة، ما يعني أن العربية تتفوق في عدد الكلمات على اللغة التي تليها بعشرين ضعفا. إن هذه السعة لا تعني الصعوبة، إنها تعني الغنى المعجمي الذي يتيح لك أن تعبّر عما يجول في ذهنك بسهولة؛ فلو كانت لديك في لغة ما مفردة واحدة للحُبّ، ولديك مئة مفردة للحب نفسه في لغة أخرى، وأردت أن تعبّر عن جَيَشان هذه العاطفة في أعماقك، فإلى أي لغة تذهب؟! إن لغة فيها كلمة واحدة تعني (الأسد) لفقيرة جدا أمام لغة فيها ألف كلمة تُعبِّر عن هذا المعنى، وهذا مرة أخرى لا يعني الصعوبة؛ إن الأسد الهاجم في العربية له كلمة غير الأسد الرابض، غير الأسد المُتربّص، غير الأسد في جماعة من السباع، غير الأسد الوارد على الماء، غير الأسد المُتحيّن، وهكذا… وكل كلمة من هذه الكلمات تعني الأسد في حالة لا تشبه سواها، ولكنه في الإنجليزية لا يمكن أن تعبّر عنه إلا بـ(Lion) !.
ما الذي يَسِم العربية بالصعوبة؟ كثرة اشتقاق الجذور فيها، إذ يصل اشتقاق بعض الجذور إلى ثلاثمئة مشتقّ، في حين أنه في الإنجليزية لا يكاد ما للجذر الواحد يتجاوز أربعة مشتقات. أهذه صعوبة أم سهولة؟ أهذه قدرة على الانطلاق إلى آفاق فسيحة للتعبير بالمشتقة المناسِبة في الموقف المناسب أم اكتفاء بالدوران حول مشتقة واحدة في المواقف كلها فيأتي المعنى باردا باهتا؟!.
إن عظمة العربية بعد هذا كله، ليست في عدد المفردات ولا في كثرة الاشتقاقات ولا في عبقرية المخارج، وإنْ كان كل ذلك من سِماتها التي تنفرد بها عن سواها؛ إنما عبقريتها الأجلّ والأجلى هي في العلاقة بين تراكيبها التي يمكن أن تُنتِج من تباديل مواضع عشر كلمات فقط -على سبيل المثال- أكثر من ألف معنى، وهذا واحد من وجوه إعجاز القرآن الكريم، فإن أكثر ألفاظه هي التي يستخدمها الكبير والصغير، رجل الشارع وعالِم المجلس، ولكن العلاقة بين هذه الألفاظ هي التي ترفعها إلى مستوى الإعجاز، علاقة التقديم والتأخير، السبك، الحذف والإيجاز، الإشارة والإحالة، وغيرها.
إننا لو أردنا أن نعبّر عن قدوم الفجر أو عن رحيل النهار، فإننا لن نجد لغة مثل العربية يمكنها أن تعبّر عن ذلك بعدد لا نهائي من العلاقات، وبالتالي بعدد لا نهائي من الجُمل، بقدرة لا يمكن تخيُّلها على التوليد، وهذا ما لا تقدر عليه لغة أخرى ولن تقدر!.
صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق