عن فوضى النقد والنّقاد..

بقلم: علي المسعودي

| 9 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: علي المسعودي

| 9 سبتمبر, 2024

عن فوضى النقد والنّقاد..

يمر المشهد الشعري بحالة غياب أو تغييب للنقد.. حتى أصبحت معايير التقييم غير واضحة، ودلالاتها غير مفهومة.. وصار تصدير الناقد عملية عشوائية لاتحكمها قواعد سوى وجهة نظر مسؤول يُطلب منه أن يختار مجموعة أسماء تقلّب القصائد وتطلق حكمها مع الشغل والنفاذ!

من هو الناقد

كيف يكون؟

متى أقبله ومتى أرفضه

وما القيم والأخلاقيات التي يجب أن يتحلّى فيها وفق مقام العمل النقدي المناط.. إضافة لما يفترض أن يمتع به من وعي ومعرفة وحرية وقدرة على الاستكشاف والاستشفاف.. استكشاف اللغة واستشفاف المعنى.. مع مايشترط فيه من شعور 

بالمحبة تجاه العمل النقدي وتجاه العمل المنقود ، وصفات من نوع: القبول، الثقافة، المعايشة، الخبرة، الوعي، الذائقة، الانصاف..الحرية

وهي بعض مباضع النقد التي يمكن من خلالها إجراء عملية نقدية ناجحة، تفتح من خلالها نافذة على العافية الشعرية.. حيث تهب نسمات الصحة على الجسد الثقافي المنهك والمعلول.. ليبدأ بعد ذلك النقاش الأدبي يأخذ شكله المفترض في الصد والرد والتلقي والقبول وصولاً إلى حالة جيدة وإيجابية.

ولكي تتحلى بذائقة محايدة تتعامل بها مع الفن ومنتج هذا الفن.. قد تضطر أحياناً لمحاورة الإبداع دون محاكمة المبدع، وقبول النتاج حتى لو تم رفض المنتٍج، فلابد من توفر بعض المشاعر التي قد تأتي بالفطرة أو بالمران.. فهناك مقومات وملامح التي يمكن من خلالها تأسيس قاعدة للحكم على أي عمل إبداعي بطريقة صحيحة وحقيقية، فإذا طرقنا باب الحب الذي على الناقد أن يتحلى به.. سنعي أهمية أن تحب الأدب.. تحب أن تفيد فيه وتحب الطرف الآخر.. أن تسلل سخيمة قلبك وتمسح مافيه من رفض وشحناء، واعتداد، وغرور.. لتتعامل مع صاحب النتاج الأدبي كمحبّ سواء كان مجيدا أو رديئا في نتاجه الأدبي.. لاأنك إن لم تستطع ذلك ستُسقط مشاعرك السلبية على انتاجه الإبداعي.

أما القبول.. فتتمثل في قبول حالة المبدع كمبدع، قبول شخصيته مهما كانت وإسقاطها على عمله الابداعي من جهة إيجابية.. فصفات الشاعر مثلاً لاعلاقة لها بالحكم على جودة القصيدة، فربّما يكتب أروع قصيدة عن الكرم بينما هو أبخل الناس.

وقد يصف الإقدام في المعارك وهو أجبن من أرنب، وقد يكون مغرورا معتدا بنفسه وبقصيدته ويرى نفسه أعظم العظماء بينما تراه وضيعاً ذميماً.

هذا كله يتم إغفاله شعريا أو قل إبداعيا.. وإن كان يمكن استثماره إعلاميا لمن عرف كيف يصنع الإعلام ويمهد للقبول.

ومن جهة الثقافة.. فلايمكن لناقد أن يتم له النقد دون حالة تأملية تعززها ثقافة وحسن اطلاع.. فمن المعيب أن تتحدث على جهل، وتحلل ولاتعرف كم غاب عنك من المفاهيم والمعلومات المخزنة في القصيدة.. ومحتواها ومراميها وخباياها.

أما الحالة النفسية فهي المشاعر اللحظية التي تمر بها وعليك أن تعيها في نفسك تماماً.. لأنها حتماً ستنعكس سلبا أو إيجابا على ماتقرأ وتشاهد.. لذلك فإن تحديد  موعد جلسة أخرى مع المنتج الإبداعي مهمة لتتأكد أنك نظرت إليه من زاوية شعورية أخرى.. وإن تعددت الجلسات أصبحت النظرة أكثر شمولية وإتقانا..

أما الخبرة، فإنك مهما بلغت من القراءة والاطلاع.. لابد أن تعرف أن الميدان له أسراره وآفاقه التي لن يفتحها لك إلا إذا جربت الاحتكاك المباشر مع المبدعين بحيث تصبح أقرب إلى كيماء الابداع.. فتتعامل مع العقول لا مع الورق

وهذه الخبرة تتحقق بالمعايشة بكل تفرعاتها.. معايشة الحال، ومعايشة ورش العمل، ومعايشة العقول بالنقاش..

 ثم تأتي بعد ذلك الذائقة؟

لكن..

ماهي الذائقة التي نحكم من خلالها على نص شعري ما.. بالجودة أو عدمها؟

هل هي النقد أم هي شيء آخر؟

هل هي خاطر وجداني عاطفي يعتمد على مشاعر مجهولة لايمكن تحديدها أم يمكن قياسها؟

وللموضوع تتمة إن شاء الله ..

علي-المسعودي

كاتب له مؤلفات في الشعر والنقد والقصة

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...