بين غزّة وأصحاب الأخدود!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 20 يوليو, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 20 يوليو, 2024
بين غزّة وأصحاب الأخدود!
أعلم أن قلبكَ يعتصر ألما وأنت ترى غزة تُباد، وأهلك فيها يُقتلون بسلاح عدونا، وبصمت وتخاذل قومنا! وأنت في حزنك هذا مأجور، فالمشاعر في ديننا عبادة!
ولكن قف هنيهة، وافهم سنة التدافع جيّدًا.. إن ما تحسبه مذبحة ما هو إلا مخاض أمة يا فتى!
في موازين الأرض يقاس النصر والهزيمة بعدد الضحايا، أما في موازين السماء، فالنصر لا يقاس إلا بالثبات على المبدأ!
إنك لو قست قصة أصحاب الأخدود بمقاييس الأرض، لقلت: هُزم القوم شر هزيمة، فقد أُحرقوا جميعا، وما بقي منهم مُخبر ليخبرنا بخبر موتهم! ولولا أن الله سبحانه حدثنا عنهم ما درينا عنهم شيئا!
والآن أخبرني بربك، لو شهدت تلك الوقيعة ففي أي الفريقين كنت تتمنى أن تكون؟ مع الذين أُحرقوا عن آخرهم، أم مع القتلة الذين نجوا؟!
وإن اليوم كذاك، والقضية واحدة، إيمان وكفر ليس في أحدهما لبس ولا ريبة! غير أن أولئك الشهداء لم يسعفهم الوقت بين لحظة إيمانهم ولحظة قتلهم ليُعدّوا ويقفوا في وجه قاتلهم الظالم، أما غزة فكان لها قسامها، هذه الكتائب المعجزة التي مرغت بتراب غزة كرامة الجيش الذي أخبرونا أنه لا يهزم!
فأي القتلتين ألذ برأيك؟!
وإن أعرت أذنك للمرجفين أصحاب الحكمة الباردة، فهؤلاء لو كانوا يوم الأخدود لوقفوا في صف الملك، ولاموا المؤمنين على ثباتهم وأخبروهم أن السياسة مطلوبة، والمداهنة فطنة، ولكن سبحان من أنطق الغلام فقال لأمه: اثبتي فإنك على الحق!
ثم من قال لك إن غزة تقتل بجرأة مقاومتها؟! يا فتى: إن غزة تقتل بجبننا وقعودنا عن نصرتهم!
أليس من العار أن نحيط قاتلهم من جميع الجهات بكل هذه الجيوش الجرارة، ونجلس فنتفرج عليهم كأنه فيلم من أفلام هوليود؟! وليتنا اكتفينا بالفرجة، إن بعضنا يلوم المظلوم إذا دافع عن نفسه، ويلوم الذبيح إذا انتفض فأصاب بدمه ثوب ذابحه! وما هي إلا نفوس جبلت على المهانة، فأزعجها أن ترى كريما يذكّرها بمدى وضاعتها!
يا فتى: إن العاهرة لا يزعجها شيء في الدنيا كما يزعجها أن ترى عفيفة، لأنها تذكرها بمدى رخصها، لهذا ودت الزانية لو كل النساء زنيْن!
كل هؤلاء الذين يلومون المقاومة، فإنهم يلومونها لأنها تذكرهم بوضاعتهم! وإن الذين ما انفكوا يخبرونك أن الطريق ليس من ها هنا، صعب عليهم أن يتقبلوا أنه فعلا من ها هنا!
تخيل هذا الملتحف بجبنه، ليس له من هم في دنياه إلا ريّ ظمأ بطن وفرج، كيف ستكون نظرته لنفسه وهو يرى مجاهدي كتائب القسام يقفون على مسافة أمتار من دبابة الميركافا، ويغرسون قذيفة الياسين في بطنها؟!
بالله عليك، كيف شعور القاعد وهو يرى شابين في مقتبل العمر يركضان نحو دبابة ويضعان عليها عبوتي شواظ؟!
بالله عليك، كيف شعور من لا عهد له بالحرب والبطولة إلا أفلام الآكشن على نتفليكس، وهو يرى كمين الزنة؟!
بالله عليك، كيف شعور عبد الدنيا وهو يرى الشهيد الساجد؟!
بالله عليك، كيف هو شعور من آخر عهده بالجهاد قصص قرأتها في المدرسة، وهو يرى عربة النمر تشتعل بمن فيها؟!
إن الأمر استبان، والحقيقة تجلت، وضباب المواقف انقشع، فسبحان من أعز قوما بالجهاد، وأذل آخرين بالقعود والفلسفة الفارغة! وسبحان من يصطفي لدينه في كل عصر خيار أهله!. ألا إن الطريق من ها هنا فلتهنؤوا بالسلامة المغموسة بالذل!
والسلام على غزة الناس وغزة المقاومة، السلام على القسام جند الله في أرضه، وصفوة هذا الزمان من أهله، السلام على العصائب الخضر البارحة واليوم وغدا وحتى قيام الساعة، فإنهم على هذا حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، فمن مشى فإنما يمشي لنفسه، ومن قعد فإنما يقعد لنفسه، ولكن الطريق من ها هنا، ولن نترك الساح ولن نلقي السلاح حتى يحكم الله بيننا وبين عدونا وهو خير الحاكمين!
لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾
“لا يلوم المقاومة إلا ذليل، ولا ينفض الذُلَّ إلا مقاوم”
السلام على غزة الروح وقسامنا الحبيب ومقاومتنا العظيمة ومجاهدينا وأهلنا الأبرار البارحة واليوم وغداً وكل يوم حتى قيام الساعة.
اللهم احفظ هذه الثلة القليلة المؤمنة الصابرة المجاهدة؛ روح الثورة ومنبع العزة والكرامة للأمة خير قدوة في هذا الزمان، وأفرغ عليهم صبراً وثبِّت أقدامهم وعجِّل بنصرهم المبين وهلاك أعدائهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل ونبرأ إليه ممن ظلمهم وخذلهم وتآمر عليهم ووالى عدونا وعدوهم وعدو الله ودعمهم ولو بالكلمة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾
﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ صدق الله العظيم.
أستاذي القدير، جزاك الله كل الخير ورضي عنك وأرضاك وجعل كل ما تكتبه من دُرَرٍ في ميزان حسناتك ورفع شأنك في الدنيا والآخرة.