قرار محكمة العدل الدولية ضد سياسة الاستيطان لا يمكن تجاهله

بقلم: مدونة العرب

| 23 يوليو, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: مدونة العرب

| 23 يوليو, 2024

قرار محكمة العدل الدولية ضد سياسة الاستيطان لا يمكن تجاهله

يمثل قرار محكمة العدل الدولية تحديًا للحلفاء، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، الذين تغاضوا لسنوات طويلة عن سياسة احتلال الأراضي الفلسطينية.

يعدّ قرار التوصية الشامل والمفصل الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، تفنيدًا قويًّا للادعاءات الإسرائيلية، وسيكون له تأثير طويل الأمد.

لقد أعلنت محكمة العدل الدولية بشكل واضح أن احتلال إسرائيل على مدى سنوات طويلة للأراضي الفلسطينية هو “غير قانوني”، وقالت إنه يرقى إلى احتلال بحكم الواقع. ودعت إسرائيل إلى الانسحاب سريعًا من الأراضي المحتلة، ودفع تعويضات للفلسطينيين عن الضرر الذي لحق بهم على مدى 57 عامًا من الاحتلال الذي اتبع أيضًا سياسة عنصرية ممنهجة ضدهم.

ويُعتبر قرار الحكم في جوانب منه عدة هزيمة كبيرة لإسرائيل في المحكمة الدولية. وعلى الرغم من أن عديدًا من تقارير الأمم المتحدة وتوصياتها في الجمعية العامة قد أشارت إلى مضمون قرار المحكمة ذاته، فإن حكم محكمة العدل الدولية، لكونه استند إلى المعاهدات والقوانين الدولية والفردية، فإنه يمثل حكمًا سيكون من الصعب تجاهله.

كما أن الحكم يعدّ ضربة لمزاعم إسرائيل بأنه ليس من حق محكمة العدل الدولية النظر في هذه القضية، على أساس أن قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية الثنائية، سبق وأثبتت أن الإطار الصحيح لحل الصراع يجب أن يكون سياسيًا وليس قانونيًا.

لقد أثبتت المحكمة بشكل عملي بعد رفضها للمزاعم الإسرائيلية، أن القانون الدولي يمكن إنفاذه بغض النظر عن عقود من الجهود السياسية الفاشلة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم، وخاصة مع استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات.

إن قرار المحكمة، الذي يحتاج نصف ساعة لقراءته، قد جمع فقرات متعددة من القانون الدولي، ابتداءً من اتفاقيات جنيف وصولًا إلى اتفاقية لاهاي، لتوصيف قضية كانت واضحة للفلسطينيين ولمنتقدي السياسة الإسرائيلية في المجتمع الدولي لسنوات.

باختصار، لقد وضح قرار المحكمة بأن سنوات من سياسات إسرائيل الرسمية والمعلنة للبناء والاستيطان في الأراضي المحتلة ترقى إلى فعل ضم الأراضي بشكل عملي، وبما يتعارض مع القانون الدولي، كما أن تلك السياسات صممت لصالح المستوطنين وإسرائيل، وليس لصالح الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإدارة العسكرية.

ولعل الجزء الأكثر أهمية في القرار هو الحكم بأن “نقل إسرائيل للمستوطنين إلى الضفة الغربية والقدس وحماية وجودهم، يتعارض مع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة”.

وفي حين أن الفقرات الفردية التي تنطبق على كل انتهاك وتناقض للقانون الدولي لم تكن مفاجئة، فإن الحكم في مجمله يمثل تحديًا كبيرًا لبعض الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي تمادت لسنوات مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي، إذ كانت تنتقد بناء المستوطنات، لكنها حتى وقت قريب لم تقم إلا بإجراءات عملية محدودة تجاه ذلك.

مع تغيّر تلك السياسات الدولية في الأشهر الأخيرة، وبعد اتخاذ مجموعة من العقوبات الأمريكية والبريطانية والأوروبية، التي تستهدف المستوطنين الذي يقومون بأعمال عنف، سواء بشكل فردي أو الجماعات التي تدعمهم، فإن الحكم الاستشاري لمحكمة العدل يطرح سؤالًا أكثر أهمية وهو “ألا ينبغي، في ضوء خطورة انتهاكات القانون الدولي لحقوق الانسان، تطبيق العقوبات على الوزراء الإسرائيليين والمؤسسات الداعمة للمشروع الاستيطاني؟”.

وعلى الرغم من أن قرار المحكمة غير ملزم، فإنه سيوفر خلفية قانونية لمحامي الحكومة الذين يبحثون بشكل حثيث العقوبات المستقبلية ضدّ أولئك المرتبطين بالمستوطنات الإسرائيلية.

ومن الأمور المهمة التي تضمنها قرار المحكمة الدولية، ملاحظة النقل المتواصل للصلاحيات من الجيش إلى المسؤولين المدنيين، الذين يشرفون على الأراضي المحتلة، وقد حذر منتقدو هذه الإجراءات من كشف مزيدٍ من أنشطة إسرائيل غير القانونية أمام المحكمة.

وفي الوقت الذي تشهد فيه إسرائيل عزلة بسبب سلوكها في الحرب على قطاع غزة، وخضوعها للتحقيق في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بتهمة احتمال قيامها بجرائم حرب، فإن التوصيف الدقيق لحكم محكمة العدل بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لن يؤدي إلا إلى تعزيز هذه العزلة على المدى البعيد.

إن انجراف إسرائيل نحو اليمين المتطرف تحت قيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، هو ما جعل قرار المحكمة أمرًا لا مفرّ منه، فنتنياهو يرأس الآن ائتلافًا يضم أحزابًا ووزراء يمينيين متطرفين مؤيدين للمستوطنين، وقد تبنت حكومته بالضبط السياسات التي أُدينت إسرائيل بسببها.

المصدر: الغارديان | Peter Beaumont
تاريخ النشر: 19/07/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

المحرقة الصهيونية

المحرقة الصهيونية

كلما تعرضت العصابة الصهيونية لضربة موجعة أو أية خسائر استراتيجية تقوم بفتح نيران الغدر على أبرياء غزة من الأطفال والنساء والمدنيين.. لتحقيق انتصارات زائفة تُرضي غرور المتشددين المتعصبين خصوصا من اليمين المتطرف. صواريخ وقنابل مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية، مدعية...

قراءة المزيد
النقد.. الهواية، والهاوية!

النقد.. الهواية، والهاوية!

عندما ترفض -مثلا-  الشاعر العراقي الكبير عبدالرزاق عبدالواحد وتلعن سيرته بحجّة أنه قد مدح طاغية، فإنّ عليك إذن أن تفعل ذلك مع الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري.. لأنه أيضاً مدح طاغية آخر ملطّخة يده بدماء الأبرياء. أما أن تفتح عيناً وتغمض أخرى، فتقبل هذا وترفض...

قراءة المزيد
 معركة الطوفان وترتيب العداوات

 معركة الطوفان وترتيب العداوات

غالبا ما تترك بعض المحن والأحداث التي  تفوق طاقة البشر في التحمل، في نفوس أصحابها ندوبا عميقة تؤثر على وعيهم وتصوراتهم، بل إنها تذهل المسلمين تارة عن بعض الأبجديات في التصور الإسلامي الذي يحتم العودة إلى كتاب الله وسنة  نبيه صلى الله عليه وسلم في كل أمر لا...

قراءة المزيد
Loading...