إذلال حزب الله المزدوج.. رقص على حافة الهاوية

بقلم: مدونة العرب

| 21 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: مدونة العرب

| 21 سبتمبر, 2024

إذلال حزب الله المزدوج.. رقص على حافة الهاوية

التكتيك الجريء يُبقي نتنياهو في المقدمة، لكنه مخاطرة بالانزلاق إلى حرب شاملة..

إن تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية (وكي توكي) في مناطق متفرقة من لبنان، بعد يوم واحد من تفجير العشرات من أجهزة التواصل (البيجر)، التي يستخدمها المسؤولون وعناصر من حزب الله اللبناني، هو ضربة مزدوجة توضح مدى اختراق إسرائيل لدفاعات عدوّها الشيعي عبر حدودها الشمالية.

إن الإذلال الكبير الذي تعرّض له حزب الله يتمثل في اختراق أمنه بسهولة مرتين على التوالي، وإظهاره عاجزًا عن حماية شعبه وأنصاره.

ولم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن الانفجارات، لكن تلك مسألة لا شك فيها، لكون هذه العملية تحمل بصمات الموساد. أما الأسئلة الأكثر صعوبة فتتعلق بالهدف من هذه العملية.. أتمثل هذه الهجمات مفاجأة تكتيكية في حدّ ذاتها، أم إنها جزء من استراتيجية أوسع نطاقًا؟ وإلى أين تقود هذه الاستراتيجية؟ أهي مقدمة لحرب شاملة في لبنان، أم إنها بديل عنها؟

لقد انفجرت القنابل الصغيرة في لبنان في الوقت الذي تتصاعد فيه النبرة العدائية من جانب ائتلاف نتنياهو؛ فقد وافقت الحكومة الأمنية المصغرة، في اجتماع عُقد في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، على توسيع أهداف الحرب الحالية من غزة إلى الشمال، لتشمل هدف تمكين عودة أكثر من 60 ألف إسرائيلي، نزحوا بسبب الاشتباكات في المنطقة الحدودية مع حزب الله منذ اندلاع الصراع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

إن النظرية الأمنية في إسرائيل هي أن هؤلاء الناس لا يستطيعون العودة إلى مدنهم وقراهم الشمالية بينما لا يزال حزب الله متمركزًا في جنوب لبنان؛ بين الحدود ونهر الليطاني.

وتأمل إدارة بايدن والوسطاء الآخرين في المنطقة أن يؤدي وقف إطلاق النار، الذي يتم التفاوض عليه في غزة، إلى تهدئة التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية أيضًا، ما يسمح للإسرائيليين النازحين بالعودة إلى مناطقهم دون مزيدٍ من التصعيد. ومع ذلك، لم يتم حتى الآن التوصل إلى أي وقف لإطلاق النار، في حين اكتسب الحديث عن حرب إسرائيلية جديدة في لبنان زخمًا كبيرًا. وحسب المعلومات، فإن مكتب نتنياهو أوضح في الأيام الأخيرة بأن أحد الأسباب التي تدفع رئيس الوزراء إلى التفكير في التخلص من وزير الدفاع، يوآف غالانت، هو أن اندفاع وحماس غالانت للحرب في لبنان قد تراجع في الفترة الأخيرة.

وكما هو الحال المعتاد في مواقف نتنياهو، فمن الصعب تحديد مدى تعلق هذه الحملة ضدّ وزير الدفاع التي يتم تداولها بالتوجهات العسكرية، أو كونها مرتبطة بالسياسة الداخلية والحاجة الدائمة لرئيس الوزراء إلى دعم ائتلافه لكي يبقيه في السلطة. ويتباحث نتنياهو حاليًّا مع بديل غالانت المحتمل، جدعون ساعر، زعيم حزب الأمل الجديد، الذي يمكن لأعضائه المساعدة في استقرار موقف الائتلاف.

وفي الوقت الذي تجري فيه مناورات في أروقة الكنيست، فإنه لا توجد سوى إشارات قليلة تشير إلى استعداد إسرائيل لتنفيذ عمليات هجومية مماثلة على الحدود اللبنانية، وتستمر وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي في الانسحاب من غزة والتوجه شمالًا، ولكنها منهكة ولا تتوفر لديها الأعداد الكافية من الجنود لشن هجوم بري.

إن إسرائيل قادرة على تكثيف حملتها الجوية في لبنان إلى حدّ كبير، لكن القليل من المراقبين العسكريين يعتقدون أن التهديد الذي يمثله حزب الله وترسانته الهائلة من الصواريخ والقذائف يمكن مواجهته من الجو فقط. والواقع أن شن هجوم بري على معقل حزب الله جنوب لبنان سوف يكون مُكلفًا من حيث الخسائر في الأرواح الإسرائيلية، وبالتالي فهو محفوف بالمخاطر السياسية.

يوفّر تفجير أجهزة الاتصالات في لبنان لنتنياهو فوائد نجاح جريء ومذهل، وهو مؤشر على أنه ينقل المعركة إلى العدو في الشمال، في الوقت الذي يظهر فيه حرص حزب الله، وداعميه الإيرانيين، على تجنب الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل. وفي المقابل، سعى زعيم حزب الله، حسن نصر الله، إلى تضليل أتباعه من خلال المبالغة في نجاح هجوم صاروخي وطائرات بدون طيار الشهر الماضي ضدّ أهداف استراتيجية إسرائيلية، مثل مقر قيادة الاستخبارات، لتخفيف الضغوط السياسية الداخلية على الحزب، والتي تطالبه بتوجيه ضربات مؤلمة للداخل الإسرائيلي.

لقد أصبح حسن نصر الله الآن تحت ضغط أكبر من أجل تحقيق انتصار كبير، فقد زعم جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) هذا الأسبوع أنه أحبط مؤامرة لحزب الله لاغتيال مسؤول كبير سابق في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ولو نجحت هذه المؤامرة، لكانت المطالبات داخل إسرائيل قد تصاعدت بشكل كبير لتعامل الجيش الإسرائيلي مع التهديد الذي يشكله حزب الله “مرة واحدة وبشكل نهائي”.

إن الوضع العام غير مستقر بطبيعته؛ فحزب الله يحتاج إلى الحفاظ على مصداقيته باعتباره رأس حربة المقاومة الإسلامية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وفي المقابل يحتاج نتنياهو إلى إبقاء إسرائيل في حالة حرب مستمرة لتأجيل التهديد بالانتخابات، ومعها خطر خسارة منصبه في ظل اتهامات الفساد المعلقة في المحاكم. ويسعى كل من الطرفين إلى البقاء على شفا حرب أوسع نطاقًا، من دون أن يمتلك القوة اللازمة لمنع الأحداث من التطور، ودفع المنطقة إلى حافة الهاوية.

المصدر: الغارديان | جوليان بورجر
تاريخ النشر: 18/09/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...