القتال العنيف يسيطر على السودان والمستشفيات تتعرض للهجمات من ميليشيا الدعم السريع

بقلم: مدونة العرب

| 31 أكتوبر, 2024

بقلم: مدونة العرب

| 31 أكتوبر, 2024

القتال العنيف يسيطر على السودان والمستشفيات تتعرض للهجمات من ميليشيا الدعم السريع

اندلعت حرب أهلية وحشية في السودان، تسببت بآثار مدمرة على مرافق الصحة في البلاد، وأدت إلى مقتل حوالي 150,000 شخص خلال العام الماضي.

في العاصمة الخرطوم وأم درمان المجاورة، تعرضت الميليشيات للمرافق الصحية بشكل متكرر، حيث قامت بقصف المستشفيات وإطلاق النار على الأطباء. في مستشفى “النو” بأم درمان، اعتاد الدكتور جمال العبيد سماع أصوات الطلقات والشظايا من القصف بالطائرات بدون طيار، حتى إنه لم يعد يقطع جولاته الطبية بسبب ذلك. وأفاد أن القصف لم يكن عشوائياً فحسب، بل كان مستهدفاً، مضيفاً: “لا يوجد مبرر لقصف مستشفى”.

منذ اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الرئيس الفعلي الجنرال عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، في أبريل من العام الماضي، انحدر السودان إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في العالم، بدون أي مؤشرات على حسم أو اتفاق سلام قريب.

تتحمل المراكز الصحية عبئًا ثقيلًا، حيث أظهرت تحليلات الأقمار الصناعية لصحيفة الـ”فايننشال تايمز” تعرُّض المستشفيات لعدد كبير من الضربات وسط دمار واسع النطاق ناجم عن أكثر من 2,500 نقطة قصف، وذلك في منطقة مساحتها 15 كيلومتراً مربعاً في أم درمان.

تم استهداف مستشفى “النو” ثلاث مرات على الأقل، وكانت آخرها في يونيو، كما تعرض الطاقم الطبي لاعتداءات من رجال مسلحين. تم اختطاف أكثر من عشرة أطباء على يد ميليشيات قوات الدعم السريع، وتم نقل البعض عبر خط المواجهة على النيل لتقديم العلاج لعناصرهم. ووفقًا للسلطات الصحية، قتل 54 طبيباً في ولاية الخرطوم منذ بداية الحرب، بعضهم قتل على أيدي قناصة.

يعد استهداف المرافق الصحية من أخطر الانتهاكات التي أدانها مجلس الأمن الدولي. وينص نظام روما الأساسي، الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، على إدراج “توجيه الهجمات عمدًا” ضد “المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى” ضمن قائمة جرائم الحرب.

لكن المسؤولين والأطباء يؤكدون أن هذه الهجمات ليست عشوائية. يقول محمد إبراهيم، رئيس لجنة الطوارئ الصحية بولاية الخرطوم: “منذ اليوم الأول للحرب، كانت قوات الدعم السريع تستهدف القطاع الصحي تحديداً”. وأوضح أنه قبل الحرب، كان هناك 53 مستشفى عامًا تعمل، أما الآن فلا يوجد سوى 27.

قالت دورسا نازمي سلمان- مديرة العمليات في السودان- للجنة الدولية للصليب الأحمر، إن “قصف ونهب المستشفيات أدى إلى انهيار شبه كامل للرعاية الصحية”. وأضافت القول إن “المرافق الصحية والكوادر الطبية محمية بموجب القانون الإنساني الدولي ويجب ألا تكون هدفاً للهجمات”.

أقر مسؤولون في قوات الدعم السريع بأن بعض جنودهم ارتكبوا جرائم، لكنهم زعموا أنهم أسسوا لجنة للتحقيق في الانتهاكات، وذكروا أن مئات من هؤلاء قد تمت معاقبتهم. ومع ذلك، لم تتوقف الهجمات، حيث تعرض مستشفى الأطفال “البلوك” لقصف صاروخي أدى إلى تدمير المختبر في يوليو الماضي.

من جانبها، أوضحت منظمة “أطباء بلا حدود” أن مراكز الرعاية الصحية لم تعد آمنة بسبب تدمير ونهب المرافق الطبية، وانتشار الأسلحة فيها، ما حدَّ من القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث يعاني أكثر من 65% من السكان من نقص في الخدمات الصحية.

على شوارع أم درمان التي دمرتها الحرب، أُصيب شاب يبلغ من العمر 23 عاماً برصاصة في وجهه، بينما كان يعبر نقطة تفتيش سيراً على الأقدام. وأشار تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، خلال زيارته لبورتسودان الشهر الماضي، إلى أن الصراع أطلق العنان “لكل أشكال الشر”.

تشير منظمات إنسانية إلى أن القتال لم يؤثر فقط على المستشفيات، بل دُمّرت أحياء بأكملها، وأسواق، ومساجد، وكنائس، وحتى متنزه ترفيهي للأطفال يحمل طابع “توم وجيري”.

مع استمرار الحرب الأهلية، ما زالت العاصمة الخرطوم تشهد أعنف الاشتباكات منذ معركة أم درمان عام 1898.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...