كغثاء السيل!

بقلم: أدهم شرقاوي

| 2 نوفمبر, 2024

بقلم: أدهم شرقاوي

| 2 نوفمبر, 2024

كغثاء السيل!

نتغنى ببطولة المعتصم الذي جهز جيشا كاملا لأجل امرأة واحدة استنجدت به.. فما لنا وضعنا أصابعنا في آذاننا فلا تسمع صراخ حرائر غزة؟!

ما لنا نراهن يخرجن من تحت الأنقاض أشلاء فنشيح النظر، وإن نظرنا فلا تتحرك فينا غيرة الرجل على عرضه؟. بئس الخلف الذي لا يحفظ من سلفه إلا حكايات مروءاتهم، ولا يسير سيرتهم!

تعجبنا مكارم أخلاق الجاهليين -وحق لنا أن نعجب بها- ولكننا ندعي بهم وصلا ونحن لا نشبههم، نطرب لمروءة مطعم بن عدي حين جاءه النبي صلى الله عليه وسلم مستجيرا، فصرخ في أولاده قائلا: البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمدا!

فما لنا ينشدنا أهل غزة اللهَ والرحم صباح مساء، ينادوننا “هل من مجير”.. فلا ننبس ببنت شفة، كأن على رؤوسنا الطير! ونحن نعرف أن هذا الذي يُسفك دم لا ماء، وهذا الذي يُقطّع أشلاء لا أغصان؟! ما لنا قد ألفنا المشهد كأنه فيلم نشاهده منذ عام وشهر؟!

نحدِّث فيما بيننا عن حصار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب، ويطربنا قول زهير بن أبي أمية وهو يومذاك على الشرك: يا أهل مكة، أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة!

فما بالنا نحن نأكل ونشرب ونلبس، وأهل غزة هلكى، برزت من الجوع عظام أولادهم، وقوافل المساعدات عند المعبر تنتظر إذن عدوهم لتصل إليهم، استكثرنا عليهم أن يقتلوا وبطونهم ملأى، رضينا أن نجمع عليهم الجوع والقتل، أليس عارا أن لا تكون فينا أخلاق الإسلام، ولا مروءة الجاهلية؟!

نتغنى بقول هشام بن عمرو بن الحارث مستحثا صاحبيه على دفع الظلم عن قومهم: “يا زهير، أرضيت أن تأكل الطعام، وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث علمت؟! يا مطعم، أرضيت أن يهلك بطنان من بني عدي بن عبد مناف، وأنت شاهد ذلك موافق فيه؟”.

ثم ها نحن رضينا أن نشيح النظر عن مقتل أهلنا، بترنا عضوا كان يجب أن نتداعى له بالحمى والسهر، نمنا ليلا طويلا، وقلنا له: فلتصبح على موتك!

كيف نضع عيوننا بعيون أطفالنا، وهم يعرفون أنه لو أصابهم غدا ما أصاب أطفال غزة اليوم، فإننا لن ندفع عنهم؟! كيف نضع عيوننا بعيون نسائنا، وقد علمن أننا لسنا ممن يدفع عن عرضه، وأنه لو أصابهن غدا ما أصاب نسوة غزة اليوم فإننا سنسلمهن.. فلا فرق بين عرض وعرض؟!

أشهد أنه رسول الله، وأنه صادق مصدوق، وأنه ما فينا من قلة، ولكننا غثاء كغثاء السيل!

أدهم شرقاوي

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!

1 تعليق

  1. عبدالله عبدالرقيب

    خذلان العرب

    تمر بنا لحظات ونسأل لماذا ينطق الشجر والحجر في آخر الزمان يقول إن خلفي يهودي تعال ف اقتله ثم نحتار ونلقى الإجابة( 392)يوم وهم يقتلون على مراا ومسمع العالم الصامت كل ذنبهم إنهم قوم مسلمون
    لقد وصلنا إلا الخلف الذي قال في عز وجل (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا  )نزلت بنا نحن الصامتون على دماء اخوان
    أما هم أهل(غزة العزة )أهل الثبات و الصمود المرابطين على ثغر إلا سلام ما نراهم إلا كم قال (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)
    نعم هم الثابتين ونحن الخوالف ماذا نقول لي رب العالمين عند اللقاء (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) اهاذا عذرنا والله ما قبل عذرنا ربح البيع أهل غزة وخسرنا نحن لا خوف عليكم أيها الأبطال فأنتم أبو عبيدة بن الجراح و أنتم الناصر صلاح الدين
    وأنتم المظفر قطز وأنتم الأبطال الذي كنا نتغنى بهم في العهد القديم لاكن خذلناكم اشهد انه كلام الله(الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا )وانه صدق الله العظيم

    ✍️عبدالله عبدالرقيب

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...

قراءة المزيد
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...

قراءة المزيد
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...

قراءة المزيد
Loading...