
أمويّ.. عائدٌ إلى مضر..
بقلم: علي المسعودي
| 16 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: علي المسعودي
| 16 يوليو, 2024
أمويّ.. عائدٌ إلى مضر..
ما الوطن؟
أهو أرض أم بشر، أم بطاقة هوية، أم ذكريات.. أم قصيدة.. أم سجن.. أم شجن؟!
المسافة الشعورية بين المكان الذي يولد فيه الإنسان، وبين المكان الذي ينتمي إليه..
المكان الذي يعيش فيه، أم الذي يموت فيه؟
ذلك الوعي الحقيقي، والإحساس الحميم أو الموجع بمقولة الوطن، كضمانة أساسية لوجود الإنسان.
في قصة يوسف إدريس نتابع ذلك الانجذاب البشري لفكرة (النداهة) في قصته التي تحمل ذات الاسم.. الطريق الذي يتشكل في وعيك، والقدر الذي يحدد لك المسار؛ وليس عليك سوى تتبُّع الطريق المنحدرة أو المرتفعة أو الملتوية!
الإنسان القادم من الريف حين يرى المدينة (القاهرة) بخيالات تملؤها الدهشة والانبهار غير المتزن، وعلى الجانب الآخر نشاهد “فان جاتسبي”، بطل الكاتب الأمريكي فيتسجيرالد في رواية “جاتسبي العظيم”، الذي يسعى للحياة في مدينة نيويورك الكبيرة، محاولاً أن يعيش ماضيه ويحقق مستقبله في مدينة صاخبة تمثّل (الحلم الأمريكي)، حلم البراءة والآمال والثراء.
وللنفس وعودها وللأرض وعيدها.. وللأحلام عيدها..
كانت النداهة ماثلة أمام محمد ياسين صالح.. بعد رحلة علم وعمل وعمر بين دمشق ولندن وبيروت، حزم حقيبة أحلامه وركب الطائرة المتجهة إلى الدوحة.
شيء خفي قديم يجذبه إلى هذه الأرض!. ليست رائحة البترول ولا غوايات شهرة.. ولا امتيازات وظيفة ولا إغراءات وظيفة..
شيء عميق يأتي مع صوت النداهة، له علاقة بالجذور البعيدة.. بأنفاس بني أمية التي يسمعها في زوايا دمشق، تنقل له رائحة تراب الجزيرة العربية.. سيوف أبطالها.. قافية شعرائها، حنين إبلها..
وفي تلك التفاصيل يكمن الإنسان الذي يحاول أن يعبر الحدود إلى حياة أخرى، يريدها وينشدها ويطمح لها.
لم تستطع شخصية “فيتسجيرالد” ولا شخصية “يوسف إدريس” أن تتحملا الغواية أو تقاوما الإغراء، فوقعتا ضحيّة “الندّاهة” الغامضة، التي تنتمي إلى الزمان العقلي والمكان الفعلي، في رمزية إنسانية تشي أن الحلم يحيا بداخل الإنسان، ويظل معلقا هناك في البئر، ينتظر يداً تتقدم لتخرجه من مكانه ومكانته.
لم يكن محمد ياسين صالح أيًّا من الشخصيتين؛ فهو إنسان حقيقي ليس من وحي خيال كاتب.. ولم يكن عمرا افتراضيا في صفحات رواية..
جاء.. ووجد نفسه في مكانه الطبيعي الذي يبحث عنه منذ زمن سحيق؛ بين معاميل القهوة، وشبة الضو، وتراحيب البدو، وشعر القبائل.. وإن وقف على شاطئ الخليج يصيح: ياخليج.. ياخليج.. ياواهب المحار واللؤلؤ..
ثم يتوقف عند الكلمة السيابية الأخيرة!
لقد وهبه هذا البحر حياة جديدة، ومختلفة.. بأصدقائها ولهجاتها وفنونها.. وعيونها.. ودخونها.
فكتب عن قطر كوطن حقيقي، وامتدح من أحبّهم فيه حباً حقيقيا.. فكان شعره خليطا من جرأة جرير، وحزن نزار، وغربة المتنبي.. ورحلة عبدالرحمن الداخل..
جاء نصه الشعري وسيلة مشاركة في بناء المواطنة، والتعبير عن حب صادق بملحمة نضال بلاغيَّة مستمرة في الارتقاء بمعناها، محتفلاً ومحتفيا ومبتهجاً بنفسه:
لله درّي يـوم سـقـتُ رواحلي وبكعبة المضيوم ألقيت السفر
تشكيلة من العواطف تمتد وتتكثف، وتشتد وتتسع، وفق مدركات مكانية واقعية، قادرة على اللحاق بالزمان، والالتحاق بالمكان.. المنتشي بأمجاده، المزهو بانتصاراته الباهرة:
والجود ليس يسام في أسواقه لكـنه قـد يصـبـح اسـتـثـمـارا
لقد شهدنا ولادة محمد الجديدة في قطر.. ولادة إنسانية وشعرية واجتماعية وثقافية.. وثقافية ليس من قبيل اكتساب الثقافة، ولكنها الثقافة التي يبحث عنها، وهو الشاعر الذي سالت أحرفه من أول الشعر.. توشّي الياسمين بالدماء!
يذكر الجاحظ في رسالتة “الحنين الى الأوطان”: “كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملا وعفرا تستنشقه”..
ورغم كل الاحتفال الذي يمارسه محمد شعراً وحياة بدولته قطر.. فإنه يرى دمشق في كل زاوية، متمثلا المفردات النزارية:
قادم من مدائن الريح وحـدي
فاحتضنّي كالطفل يا قاسيون
احتضنّي ولا تناقـش جنـوني
ذروة العقل يا حبيبي الجنون
هذه ليست دراسة نفسية ولا دراسة شعرية.. ولكنها توطئة من شاهد عيان على شاعر.. إنسان.. طاف الأرض بحثاً عن جملة اسمية يكون أحد أركانها..

كاتب له مؤلفات في الشعر والنقد والقصة
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
قتلته بالمدح مع انه شخص بسيط جدا يحتاج الى سنين طويلة للتصدر
فلا تعمل زحمة يا اخوي من لا شيء
المسافة الشعورية بين المكان الذي يولد فيه الإنسان، وبين المكان الذي ينتمي إليه..
الكلام من الصميم 💯