-1-

مع كل يوم مر فيه على المسلمين بلاء تجلّت الحقيقة أكثر، وأضاءت أعمدة الإنارة في الطريق.. وقد تمايزت الصفوف بشدة مع موت إسماعيل هنية، رحمه الله.

سلف يرون في منهج حماس- والإخوان عموماً- انحرافاً يشكل خطراً على الإسلام والمسلمين، فهم واليهود سواء! وهؤلاء يتقرّبون إلى الله بمحاربة حماس- والإخوان عموما- وملاحقتهم ونقدهم، والتأليب عليهم.

سلف يرون أن حماس لديها أخطاء، لكن محاربتها شطط باعتبارها تخذيلاً للمسلمين ونصراً لليهود على إخواننا في العقيدة، ويعتقدون أن الإخوان هم خليط من الملتزمين الصادقين والعوام والمنحرفين، يجب كسب ودّهم، ومناصحتهم، وعدم التخلي عنهم..

جماعة يقفون من حماس حسب موقف دولهم منها، فإذا كانت الدولة تعيش صراعاً سياسيّاً مع حماس فهم ضد حماس، وإن تصالحت الدولة معها فهم معها..

جماعة يرون أن كل ما تفعله حماس هو الصحيح، خاصة بوجود قلة الناصرين وتخاذل المسلمين، وضعفهم وقلة حيلتهم، وتآمر بعض القيادات العربية ضدّهم.

جماعة يرون أن محور إيران والحوثي وحزب الله هو محور الشر المطلق، الذي نكّل بأهل السنة واستباحهم وشتّت شملهم؛ فلا يمكن لمن يقف في صفّهم أن يكون على حق أو يستحق النصر.

جماعة يحبّون حماس، لكنهم يرون أن إيران تستخدمهم ورقة سياسية لتحقيق مكاسب دولية، ومتى انتهت اللعبة باعتهم بأبخس الأثمان، وجماعة أخرى تشترك مع تلك في الرؤية ذاتها، لكنها ترى أن حماس تعي هذا الأمر، وتعرف ما يدور، ولن تستطيع إيران أن تكسب شيئا لا تريده حماس.

وهناك من يرى أن إيران هي الصواب المطلق.. فمن وقفت معه فهو الحق الأبلج، ومن وقفت ضدّه فهو الباطل الصرف.

وهناك جماعة تسند ظهرها إلى الجدار، تطالع المشهد بحيرة شديدة وأسى كبير!!.

-2-

لا يحملنَّك بغض جماعة مهما كانت أن ترفض الحق إن جاء منها، بشرط أن تتثبّت أنه الحق.. فالحق يُقبَل لكونه موافقًا للدليل في نفسه، وإن جاء من غير أهله، فأهل السُّنة يَقبَلون ما عند جميع الطوائف من الحق، ويردّون ما عندها من الباطل. 

ولابدّ من فهم معادلة “اعرف الحق تعرف أهله”، وإدراك مقولة: “الرجال يُعرفون بالحق”، إذ إن معرفة الحق لا تتم إلا برجال، هم أولو العلم والعمل، والعقل الراجح والبصيرة النافذة، فيُدرك بدلالتهم. قال الشاطبي: “إذا ثبت أن الحق هو المعتبر دون الرجال؛ فالحق أيضا لا يعرف دون وسائطهم؛ بل بهم يتوصل إليه، وهم الأدلاء على طريقه”.

-3-

كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاته في قيام الليل بهذا الدعاء..

“اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم”.

علي المسعودي

كاتب له مؤلفات في الشعر والنقد والقصة

• تغريدة أوليغارشية
• النوق.. وهدرة الفحل
• كروش وقروش!!
• مكارم الشعر.. وكرم الشاعر