ناجٍ أم ضحية؟!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 29 يوليو, 2023
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 29 يوليو, 2023
ناجٍ أم ضحية؟!
تقول الطبيبة النفسية الأمريكية “آنا ليمبيكي” في كتابها الرائع “أُمة الدوبامين”:
خلال أكثر من عشرين عاما، أمضيتها كطبيبة نفسية أستمع إلى عشرات الآلاف من قصص المرضى، تكونت لديّ قناعة بأن الطريقة التي نروي بها قصصنا الشخصية، هي علامة ومؤشر على الصحة العقلية!.
المرضى الذين يروون قصصا، يغلب أن يكونوا فيها الضحية، ويندر أن يتحملوا المسؤولية عن النتائج السيئة لسلوكهم؛ في الغالب لا يبدو عليهم أي تحسن، ويبقون في دائرة الألم.. إنهم مشغولون جدا بإلقاء اللوم على الآخرين، بحيث لا يمكنهم التركيز على عِلَّتهم ومحاولة التعافي منها. وعلى النقيض من ذلك، عندما يبدأُ مرضاي في سرد القصص التي تصور مسؤوليتهم بدقة، أعلم أنهم يتحسنون!.
برأيي، ليس بالضرورة أنّ من حلت به فاجعة يتحمل مسؤوليتها، أو جزءا من المسؤولية، فنحن في هذه الحياة -للأسف- نُؤذَى أحيانا ليس لأننا كنا سيئين، وإنما لأننا كنا جيدين أكثر مما ينبغي. وبغضّ النظر عن الأسباب التي أدت إلى الفاجعة التي ذقنا مرارتها، نحن في نهاية المطاف أمام فاجعة قد حصلت!. وسواء كنا نتحمّل المسؤولية كاملة أو جزءا منها، على اعتبار أن الآخرين لا يمتطون ظهورنا إلا بموافقتنا، أو أنه لا ذنب لنا ولا جريرة، كما أُلقيَ يوسف عليه السلام في الجُبّ لأنه كان جميلا جدا وأبوه يحبه!. فإن ما حصل قد حصل، وحَبْسُ الإنسان نفسَه في الأسباب يطيل أمد الفاجعة!.
الأمور السيئة تقع دوما، وهذه الدنيا مليئة بالغادرين وقليلي الأصل، زاخرة بالمرضى النفسيين الذي لا يتعالجون وإنما يتعالج ضحاياهم! إلا أننا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نعيش كضحايا أو كناجين!.
الشخص الذي يختار أن يعيش ضحية سيبقى سجين ماضيه، سيمر العمر عليه وساعته الزمنية متوقفة على توقيت جرحه! سيبكي دون فائدة، وسيطيل العتب الذي لا طائل منه، وكلما جفّ جرحه قليلا سيعمد إلى قشرته وينزعها ليبقى غضّا طريّا؛ فلا هو قادر على أن يعيد الحكاية من أولها ليأخذ حِذره، ولا هو قادر على أن يطوي الصفحة ويمضي.. سيَتعَب ويُتعِب من معه، لن يُعطيَ نفسَه فرصة ليُحِبَّ ويُحَبَّ مجددا، لن يكون قادرا على الثقة بأحد؛ ومن تبعات هذه أن لا يكون مصدر ثقة لأحد، لأن الحُبّ والثقة بَذْرٌ أولا ثم حصاد، ولا حصاد إلا لباذر!.
أما الشخص الذي يختار أن يعيش كناجٍ فسيطوي الصفحة ويمضي، سيتعلم الدرس من الفاجعة، وسيكون حَذِرا لا شكَّاكا، سيتقدم بعقله ويتراجع بقلبه، وسيحمد الله أن الأمور السيئة التي وقعت كان بالإمكان أن تكون أسوأ، وأن الصفعة ثمن عادل مقابل أن يستيقظ، فإنها فاجعة أخرى أن يبقى المرء مغفّلا وأُلعوبة!.
الناجي يعلم أن ما حدث كان بسوء اختياره، وأن الدنيا مليئة بالأشخاص الجيدين كما هي مليئة بالأشخاص السيئين.. جرح الحُبّ يداويه حُبٌّ جديد، وإن بحذر هذه المرة، فالفرصة الثانية مخيفة أكثر من الفرصة الأولى، لأن المرء يعلم مقدار ما يخاطر به، إنه قلبه!.
صديق نذل سيطويه صديق طيّب، وجُرح الثقة سيندمل مع شخص وفيٍّ!.
تجاوزوا السيئين، لا تسمحوا لهم أن يُفسدوا حاضركم كما أفسدوا ماضيكم، لا أحد يستحق أن تهبه عمرك مرتين!.
لا تسترقوا النظر إلى حياة جارحيكم، تخلّصوا من هذا الفضول الذميم، ادفنوهم وأهيلوا عليهم التراب وتابعوا حياتكم، أَشرقوا مجددا، أَثبتوا لأنفسكم أولا ولهم ثانيا أن الحياة لا تتوقف على أحد، وأن من كان لائقا بقلوبنا أحببناه، ومن كان نذلا لم نكرهه، إنه أقل شأنا من أن نمنحه شعورا مهما كان نوعه!.
لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق